قِيلَ: ﴿لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ [البقرة: ٧٨] وَالْأَمَانِيُّ مِنْ غَيْرِ نَوْعِ الْكِتَابِ، كَمَا قَالَ رَبُّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾ [النساء: ١٥٧] وَالظَّنُّ مِنَ الْعِلْمِ بِمَعْزِلٍ، وَكَمَا قَالَ: ﴿وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى﴾ [الليل: ٢٠] وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الخفيف]

لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَ قَيْسٍ عِتَابٌ غَيْرَ طَعْنِ الْكُلَى وَضَرْبِ الرِّقَابِ
وَكَمَا قَالَ نَابِغَةُ بَنِي ذُبْيَانَ:
[البحر الطويل]
حَلَفْتُ يَمِينًا غَيْرَ ذِي مَثْنَوِيَّةٍ وَلَا عِلْمَ إِلَّا حُسْنَ ظَنٍّ بِغَائِبِ
فِي نَظَائِرَ لِمَا ذَكَرْنَا يَطُولُ بِإِحْصَائِهَا الْكِتَابُ. وَيَخْرُجُ بِإِلَّا مَا بَعْدَهَا مِنْ مَعْنَى مَا قَبْلَهَا، وَمِنْ صِفَتِهِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ شَكْلِ الْآخَرِ وَمِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ، وَيُسَمِّي ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا لِانْقِطَاعِ الْكَلَامِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدُ إِلَّا عَنْ مَعْنَى مَا قَبْلَهَا. وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ حَسُنَ أَنْ يُوضَعَ فِيهِ مَكَانَ إِلَّا لَكِنْ، فَيُعْلَمُ حِينَئِذٍ انْقِطَاعُ مَعْنَى الثَّانِي عَنْ مَعْنَى الْأَوَّلِ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ إِذَا قُلْتُ: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ [البقرة: ٧٨] ثُمَّ أَرَدْتَ وَضْعَ لَكِنْ مَكَانَ إِلَّا وَحَذْفَ


الصفحة التالية
Icon