لِخَاصٍّ مِنْ مَعَانِي الْحُسْنِ وَهُوَ الْقَوْلُ. فَلِذَلِكَ اخْتَرْتُ قِرَاءَتَهُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالسِّينِ، عَلَى قِرَاءَتِهِ بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ السِّينِ. وَأَمَّا الَّذِي قَرَأَ ذَلِكَ: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنَى) فَإِنَّهُ خَالَفَ بِقِرَاءَتِهِ إِيَّاهُ كَذَلِكَ قِرَاءَةَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَكَفَى شَاهِدًا عَلَى خَطَأِ الْقِرَاءَةِ بِهَا كَذَلِكَ خُرُوجُهَا مِنْ قِرَاءَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى خَطَئِهَا شَاهِدٌ غَيْرُهُ، فَكَيْفَ وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ خَارِجَةٌ مِنَ الْمَعْرُوفِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ؟ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَكَادُ أَنْ تَتَكَلَّمَ بِفُعْلَى وَأَفْعَلَ إِلَّا بِالْأَلْفِ وَاللَّامِ أَوْ بِالْإِضَافَةِ، لَا يُقَالُ: جَاءَنِي أَحْسَنُ حَتَّى يَقُولُوا الْأَحْسَنُ، وَلَا يُقَالُ أَجْمَلُ حَتَّى يَقُولُوا الْأَجْمَلُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَفْعَلَ وَالْفُعْلَى لَا يُكَادَانِ يُوجَدَانِ صِفَةً إِلَّا لِمَعْهُودٍ مَعْرُوفٍ، كَمَا تَقُولُ: بَلْ أَخُوكَ الْأَحْسَنُ، وَبَلْ أُخْتُكَ الْحُسْنَى، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ: امْرَأَةٌ حُسْنَى، وَرَجُلٌ أَحْسَنُ. وَأَمَّا تَأْوِيلُ الْقَوْلِ الْحَسَنِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الَّذِينَ وَصَفَ أَمْرَهُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يَقُولُوهُ لِلنَّاسِ
فَهُوَ مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " فِي قَوْلِهِ: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة: ٨٣] أَمَرَهُمْ أَيْضًا بَعْدَ هَذَا الْخُلُقِ أَنْ يَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا: أَنْ يَأْمُرُوا بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَنْ لَمْ يَقُلْهَا وَرَغِبَ عَنْهَا حَتَّى يَقُولُوهَا كَمَا قَالُوهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ " وَقَالَ الْحَسَنُ أَيْضًا: لِينُ الْقَوْلِ مِنَ الْأَدَبِ الْحَسَنِ الْجَمِيلِ، وَالْخُلُقِ الْكَرِيمِ، وَهُوَ مِمَّا ارْتَضَاهُ اللَّهُ وَأَحَبَّهُ


الصفحة التالية
Icon