: (أُسَارَى تَفْدُوهُمْ) وَبَعْضُهُمْ: (أَسْرَى تُفَادُوهُمْ) قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَمَنْ قَرَأَ ذَلِكَ: (وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أَسْرَى) فَإِنَّهُ أَرَادَ جَمْعَ الْأَسِيرِ، إِذْ كَانَ عَلَى فَعِيلٍ عَلَى مِثَالِ جَمْعِ أَسْمَاءِ ذَوِي الْعَاهَاتِ الَّتِي يَأْتِي وَاحِدُهَا عَلَى تَقْدِيرِ فَعِيلٍ، إِذْ كَانَ الْأَسْرُ شَبِيهَ الْمَعْنَى فِي الْأَذَى وَالْمَكْرُوهِ الدَّاخِلِ عَلَى الْأَسِيرِ بِبَعْضِ مَعَانِي الْعَاهَاتِ؛ وَأَلْحَقَ جَمْعَ الْمُسْتَلْحَقِ بِهِ بِجَمْعِ مَا وَصَفْنَا، فَقِيلَ أَسِيرٌ وَأَسْرَى، كَمَا قِيلَ مَرِيضٌ وَمَرْضَى وَكَسِيرٌ وَكَسْرَى، وَجَرِيحٌ وَجَرْحَى. قَالَ أَبُوجَعْفَرٍ: وَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ: ﴿أُسَارَى﴾ [البقرة: ٨٥]، فَإِنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ عَلَى مَخْرَجِ جَمْعِ فَعْلَانَ، إِذْ كَانَ جَمْعُ فَعْلَانَ الَّذِي لَهُ فَعْلَى قَدْ يُشَارِكُ جَمْعَ فَعِيلٍ، كَمَا قَالُوا سُكَارَى وَسَكْرَى وَكَسَالَى وَكَسْلَى، فَشَبَّهُوا أَسِيرًا وَجَمَعُوهُ مَرَّةً أُسَارَى وَأُخْرَى أَسْرَى بِذَلِكَ. وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَزْعُمُ أَنَّ مَعْنَى الْأَسْرَى مُخَالِفٌ مَعْنَى الْأُسَارَى، وَيَزْعُمُ أَنَّ مَعْنَى الْأَسْرَى اسْتِئْسَارُ الْقَوْمِ بِغَيْرِ أَسْرٍ مِنَ الْمُسْتَأْسَرِ لَهُمْ، وَأَنَّ مَعْنَى الْأُسَارَى مَعْنَى مَصِيرِ الْقَوْمِ الْمَأْسُورِينَ فِي أَيْدِي الْآسِرِينَ بِأَسْرِهِمْ وَأَخْذِهِمْ قَهْرًا وَغَلَبَةً. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَذَلِكَ مَا لَا وَجْهَ لَهُ يُفْهَمُ فِي لُغَةِ أَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْتُ مِنْ جَمْعِ الْأَسِيرِ مَرَّةً عَلَى فَعْلَى لِمَا بَيَّنْتُ مِنَ الْعِلَّةِ، وَمَرَّةً عَلَى فُعَالَى لِمَا ذَكَرْتُ مِنْ تَشْبِيهِهِمْ جَمْعَهُ بِجَمْعِ سَكْرَانَ وَكَسْلَانَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَأَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: (وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أَسْرَى)


الصفحة التالية
Icon