حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى كُفَّارِ الْعَرَبِ»
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي الْحِجَابِ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: " قَوْلُهُ: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ [البقرة: ٨٩] قَالَ: هُمُ الْيَهُودُ عَرَفُوا مُحَمَّدًا أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَكَفَرُوا بِهِ "
حُدِّثْتُ عَنِ الْمِنْجَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " فِي قَوْلِهِ: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [البقرة: ٨٩] قَالَ: كَانُوا يَسْتَظْهِرُونَ يَقُولُونَ نَحْنُ نُعِينُ مُحَمَّدًا عَلَيْهِمْ، وَلَيْسُوا كَذَلِكَ؛ يَكْذِبُونَ "
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ زَيْدٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ [البقرة: ٨٩] قَالَ: " كَانَتْ يَهُودُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى كُفَّارِ الْعَرَبِ يَقُولُونَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ قَدْ جَاءَ النَّبِيُّ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ مُوسَى وَعِيسَى أَحْمَدُ لَكَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ. وَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّهُ مِنْهُمْ وَالْعَرَبُ حَوْلَهُمْ، وَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ عَلَيْهِمْ بِهِ وَيَسْتَنْصِرُونَ بِهِ ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ [البقرة: ٨٩] وَحَسَدُوهُ. وَقَرَأَ قَوْلَ -[٢٤٢]- اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ [البقرة: ١٠٩] قَالَ: قَدْ تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ رَسُولٌ، فَمِنْ هُنَالِكَ نَفَعَ اللَّهُ الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ بِمَا كَانُوا يَسْمَعُونَ مِنْهُمْ أَنَّ نَبِيًّا خَارِجٌ " فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: فَأَيْنَ جَوَابُ قَوْلِهِ: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ﴾ [البقرة: ٨٩] قِيلَ: قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي جَوَابِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مِمَّا تُرِكَ جَوَابُهُ اسْتِغْنَاءً بِمَعْرِفَةِ الْمُخَاطَبِينَ بِهِ بِمَعْنَاهُ وَبِمَا قَدْ ذُكِرَ مِنْ أَمْثَالِهِ فِي سَائِرِ الْقُرْآنِ. وَقَدْ تَفْعَلُ الْعَرَبُ ذَلِكَ إِذَا طَالَ الْكَلَامُ، فَتَأْتِي بِأَشْيَاءَ لَهَا أَجْوِبَةٌ فَتَحْذِفُ أَجْوِبَتَهَا لِاسْتِغْنَاءِ سَامِعِيهَا بِمَعْرِفَتِهِمْ بِمَعْنَاهَا عَنْ ذِكْرِ الْأَجْوِبَةِ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا﴾ [الرعد: ٣١] فَتُرِكَ جَوَابُهُ. وَالْمَعْنَى: وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سِوَى هَذَا الْقُرْآنِ سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ لَسُيِّرَتْ بِهَذَا الْقُرْآنِ، اسْتِغْنَاءً بِعِلْمِ السَّامِعِينَ بِمَعْنَاهُ. قَالُوا: فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ﴾ [البقرة: ٨٩]. وَقَالَ آخَرُونَ: جَوَابُ قَوْلِهِ: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٨٩] فِي الْفَاءِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ [البقرة: ٨٩] وَجَوَابُ الْجَزَاءَيْنِ فِي كَفَرُوا بِهِ كَقَوْلِكَ: لَمَّا قُمْتَ فَلَمَّا جِئْتَنَا أَحْسَنْتَ، بِمَعْنَى: لَمَّا جِئْتَنَا إِذْ قُمْتَ أَحْسَنْتَ