بَاقِي مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْهَا. وَأَكْذَبَ الْآخَرِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِالسِّحْرِ، مُتَزَيِنِينَ عِنْدَ أَهْلِ الْجَهْلِ فِي عَمَلِهِمْ ذَلِكَ بِأَنَّ سُلَيْمَانَ كَانَ يَعْمَلُهُ. فَنَفَى اللَّهُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَكُونَ كَانَ سَاحِرًا أَوْ كَافِرًا، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُمْ إِنَّمَا اتَّبِعُوا فِي عَمَلِهِمُ السِّحْرَ مَا تَلَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي عَهْدِ سُلَيْمَانَ، دُونَ مَا كَانَ سُلَيْمَانَ يَأْمُرُهُمْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَاتِّبَاعِ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ فِي كِتَابِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُوسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ
ذِكْرُ الدَّلَائِلِ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا مِنَ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: " كَانَ سُلَيْمَانَ يَتَتَبَّعُ مَا فِي أَيْدِي الشَّيَاطِينِ مِنَ السِّحْرِ، فَيَأْخُذُهُ فَيَدْفِنُهُ تَحْتَ كُرْسِيِّهِ فِي بَيْتِ خِزَانَتِهِ. فَلَمْ تَقْدِرِ الشَّيَاطِينُ أَنْ يَصِلُوا إِلَيْهِ، فَدَنَتِ إِلَى الْإِنْسِ، فَقَالُوا لَهُمْ: أَتُرِيدُونَ الْعِلْمَ الَّذِي كَانَ سُلَيْمَانَ يُسَخِّرُ بِهِ الشَّيَاطِينَ وَالرِّيَاحَ وَغَيْرَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالُوا: فَإِنَّهُ فِي بَيْتِ خِزَانَتِهِ وَتَحْتَ كُرْسِيِّهِ. فَاسْتَثَارَتْهُ الْإِنْسُ فَاسْتَخْرَجُوهُ فَعَمِلُوا بِهِ. فَقَالَ أَهْلُ الْحِجَازِ: كَانَ سُلَيْمَانَ يَعْمَلُ بِهَذَا وَهَذَا سِحْرٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرَاءَةَ سُلَيْمَانَ، فَقَالَ: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾ [البقرة: ١٠٢] الْآيَةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَةَ سُلَيْمَانَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ "


الصفحة التالية
Icon