لِأَنَّ سَحَرَةَ الْيَهُودِ فِيمَا ذُكِرَ كَانَتْ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ السِّحْرَ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ. فَأَكْذَبَهَا اللَّهُ بِذَلِكَ وَأَخْبَرَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ لَمْ يَنْزِلَا بِسِحْرٍ قَطُّ، وَبَرَّأَ سُلَيْمَانَ مِمَّا نَحَلُوهُ مِنَ السِّحْرِ، فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ السِّحْرَ مِنْ عَمَلِ الشَّيَاطِينِ، وَأَنَّهَا تُعَلِّمُ النَّاسَ بِبَابِلَ، وَأَنَّ الَّذِينَ يُعَلِّمُونَهُمْ ذَلِكَ رَجُلَانِ اسْمُ أَحَدِهِمَا هَارُوتَ وَاسْمُ الْآخَرِ مَارُوتَ؛ فَيَكُونُ هَارُوتُ وَمَارُوتُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ تَرْجَمَةً عَلَى النَّاسِ وَرَدًّا عَلَيْهِمْ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ تَأْوِيلُ مَا الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ﴾ [البقرة: ١٠٢] الَّذِي
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: قَالَ مَعْمَرٌ، قَالَ قَتَادَةُ وَالزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: " ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ﴾ [البقرة: ١٠٢] كَانَا مَلَكَيْنِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَأُهْبِطَا لِيَحْكُمَا بَيْنَ النَّاسِ. وَذَلِكَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ سَخِرُوا مِنْ أَحْكَامِ بَنِي آدَمَ، قَالَ: فَحَاكَمَتْ إِلَيْهِمَا امْرَأَةٌ فَحَافَا لَهَا، ثُمَّ ذَهَبَا يَصْعَدَانِ، فَحِيلَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ذَلِكَ وَخُيِّرَا بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ، فَاخْتَارَا عَذَابَ -[٣٣٣]- الدُّنْيَا " قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ قَتَادَةُ: فَكَانَا يُعَلِّمَانِ النَّاسَ السِّحْرَ، فَأُخِذَ عَلَيْهِمَا أَنْ لَا يُعَلِّمَا أَحَدًا حَتَّى يَقُولَا: إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ