الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ: " سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ﴾ [البقرة: ١٠٢] فَقِيلَ لَهُ: أُنْزِلَ أَوْ لَمْ يُنْزَلْ؟ فَقَالَ: لَا أُبَالِي أَيَّ ذَلِكَ كَانَ، إِلَّا أَنِّي آمَنْتُ بِهِ " وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي قَوْلُ مَنْ وَجَّهَ مَا الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ﴾ [البقرة: ١٠٢] إِلَى مَعْنَى الَّذِي دُونَ مَعْنَى مَا الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى الْجَحْدِ. وَإِنَّمَا اخْتَرْتُ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ مَا إِنْ وُجِّهَتْ إِلَى مَعْنَى الْجَحْدِ، فَتَنْفِي عَنِ الْمَلَكَيْنِ أَنْ يَكُونَا مُنَزَّلًا إِلَيْهِمَا. وَلَمْ يَخْلُ الِاسْمَانِ اللَّذَانِ بَعْدَهُمَا أَعْنِي هَارُوتَ وَمَارُوتَ مِنْ أَنْ يَكُونَا بَدَلًا مِنْهُمَا وَتَرْجَمَةً عَنْهُمَا، أَوْ بَدَلًا مِنَ النَّاسِ فِي قَوْلِهِ: ﴿يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ [البقرة: ١٠٢] وَتَرْجَمَةً عَنْهُمَا. فَإِنْ جُعِلًا بَدَلًا مِنَ الْمَلَكَيْنِ وَتَرْجَمَةً عَنْهُمَا بَطَلَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾ [البقرة: ١٠٢] لِأَنَّهُمَا إِذَا لَمْ يَكُونَا عَالِمَيْنِ بِمَا يُفَرَّقُ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ، فَمَا الَّذِي يَتَعَلَّمُ مِنْهُمَا مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ؟ وَبَعْدُ، فَإِنَّ مَا الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ﴾ [البقرة: ١٠٢] إِنْ كَانَتْ فِي مَعْنَى الْجَحْدِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانَ﴾ [البقرة: ١٠٢] فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَفَى بِقَوْلِهِ: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانَ﴾ [البقرة: ١٠٢] عَنْ سُلَيْمَانَ أَنْ يَكُونَ السِّحْرُ مِنْ عَمَلِهِ، أَوْ مِنْ عِلْمِهِ أَوْ تَعْلِيمِهِ. فَإِنْ كَانَ الَّذِي نَفَى عَنِ الْمَلَكَيْنِ مِنْ ذَلِكَ نَظِيرُ الَّذِي نَفَى عَنْ سُلَيْمَانَ


الصفحة التالية
Icon