وَأَمَّا إِيمَانُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ، فَالتَّصْدِيقُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِمَا جَاءَ بِهِ، فَمَنْ يُؤْمِنْ مِنْهُمْ بِمُحَمَّدٍ، وَبِمَا جَاءَ بِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَيَعْمَلْ صَالِحًا، فَلَمْ يُبَدِّلْ وَلَمْ يُغَيِّرْ، حَتَّى تُوُفِّيَ عَلَى ذَلِكَ، فَلَهُ ثَوَابُ عَمَلِهِ وَأَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ، كَمَا وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ قَالَ: فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ، وَإِنَّمَا لَفْظُهُ مِنْ لَفْظٍ وَاحِدٍ، وَالْفِعْلُ مَعَهُ مُوَحَّدٌ؟ قِيلَ: مِنْ وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَلِيهِ مِنَ الْفِعْلِ مُوَحَّدًا، فَإِنَّ لَهُ مَعْنَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ، لِأَنَّهُ فِي كُلِّ هَذِهِ الْأَحْوَالِ عَلَى هَيْئَةٍ وَاحِدَةٍ وَصُورَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ، فَالْعَرَبُ تُوَحِّدُ مَعَهُ الْفِعْلَ وَإِنْ كَانَ فِي مَعْنَى جَمْعٍ لِلَفْظِهِ، وَتَجْمَعُ أُخْرَى مَعَهُ الْفِعْلَ لِمَعْنَاهُ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ﴾ [يونس: ٤٣] فَجُمِعَ مَرَّةً مَعَ مِنْ الْفِعْلُ لِمَعْنَاهُ، وَوُحِّدَ أُخْرَى مَعَهُ الْفِعْلُ؛ لِأَنَّهُ فِي لَفْظِ الْوَاحِدِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]
أَلِمَّا بِسَلْمَى عَنْكُمَا إِنْ عَرَضْتُمَا | وَقُولَا لَهَا عُوجِي عَلَى مَنْ تَخَلَّفُوا |