الْعَرَبِ مُسْتَفِيضٌ بَيْنَهُمْ فَصِيحٌ، أَنْ يُخْرِجَ الْمُتَكَلِّمُ كَلَامَهُ عَلَى وَجْهِ الْخِطَابِ مِنْهُ لِبَعْضِ النَّاسِ وَهُوَ قَاصِدٌ بِهِ غَيْرَهُ، وَعَلَى وَجْهِ الْخِطَابِ لِوَاحِدٍ وَهُوَ يَقْصِدَ بِهِ جَمَاعَةً غَيْرَهُ، أَوْ جَمَاعَةً وَالْمُخَاطَبُ بِهِ أَحَدُهُمْ؛ وَعَلَى هَذَا الْخِطَابُ لِلْجَمَاعَةِ وَالْمَقْصُودُ بِهِ أَحَدُهُمْ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ [الأحزاب: ١] ثُمَّ قَالَ: ﴿وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢] فَرَجَعَ إِلَى خِطَابِ الْجَمَاعَةِ، وَقَدِ ابْتَدَأَ الْكَلَامَ بِخِطَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُ الْكُمَيْتِ بْنِ زَيْدٍ فِي مَدْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
[البحر المنسرح]
إِلَى السِّرَاجِ الْمُنِيرِ أَحْمَدَ لَا | يَعْدِلُنِي رَغْبَةٌ وَلَا رَهَبُ |
عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ وَلَوْ رَفَعَ | النَّاسُ إِلَيَّ الْعُيُونَ وَارْتَقَبُوا |
وَقِيلَ أَفْرَطْتَ بَلْ قَصَدْتُ وَلَوْ | عَنَّفَنِي الْقَائِلُونَ أَوْ ثَلَبُوا |
لَجَّ بِتَفْضِيلِكَ اللِّسَانُ وَلَوْ | أُكْثِرَ فِيكَ الضِّجَاجُ وَاللَّجَبُ |
أَنْتَ الْمُصَفَّى الْمَحْضُ الْمُهَذَّبُ | فِي النِّسْبَةِ إِنْ نَصَّ قَوْمَكَ النَّسَبُ |