فَسَأَلَاهُ مَا هَذَا، فَقَالَ: الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَعْلَمَ هَذَا لَا يَقِفُ مَوْقِفَكُمَا، فَإِنْ كُنْتُمَا تُرِيدَانِ أَنْ تَعْلَمَا مَا فِيهِ فَانْزِلَا حَتَّى أُعَلِّمَكُمَا، فَنَزَلَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمَا: هَذَا كِتَابٌ جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، أَمَرَ فِيهِ بِطَاعَتِهِ، وَنَهَى عَنْ مَعْصِيَتِهِ، فِيهِ: أَنْ لَا تَزْنِيَ، وَلَا تَسْرِقَ، وَلَا تَأْخُذَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ. فَقَصَّ عَلَيْهِمَا مَا فِيهِ، وَهُوَ الْإِنْجِيلُ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى عِيسَى. فَوَقَعَ فِي قُلُوبِهِمَا وَتَابَعَاهُ فَأَسْلَمَا، وَقَالَ لَهُمَا: إِنَّ ذَبِيحَةَ قَوْمِكُمَا عَلَيْكُمَا حَرَامٌ، فَلَمْ يَزَالَا مَعَهُ كَذَلِكَ يَتَعَلَّمَانِ مِنْهُ، حَتَّى كَانَ عِيدٌ لِلْمَلِكِ، فَجَعَلَ طَعَامًا، ثُمَّ جَمَعَ النَّاسَ وَالْأَشْرَافَ، وَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ الْمَلِكِ فَدَعَاهُ إِلَى صَنِيعِهِ لِيَأْكُلَ مَعَ النَّاسِ، فَأَبَى الْفَتَى وَقَالَ: إِنِّي عَنْكَ مَشْغُولٌ، فَكُلْ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ، فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ مِنَ الرُّسُلِ، أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِهِمْ، فَبَعَثَ الْمَلِكُ إِلَى ابْنِهِ، فَدَعَاهُ وَقَالَ: مَا أَمْرُكَ هَذَا؟ قَالَ: إِنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ ذَبَائِحِكُمْ، إِنَّكُمْ كُفَّارٌ لَيْسَ تَحِلُّ ذَبَائِحُكُمْ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَنْ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الرَّاهِبَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، فَدَعَا الرَّاهِبَ فَقَالَ: مَاذَا يَقُولُ ابْنِي؟ قَالَ: صَدَقَ ابْنُكَ، قَالَ لَهُ: لَوْلَا أَنَّ الدَّمَ فِينَا عَظِيمٌ لَقَتَلْتُكَ، وَلَكِنِ اخْرُجْ مِنْ أَرْضِنَا، فَأَجَّلَهُ أَجَلًا. فَقَالَ سَلْمَانُ: فَقُمْنَا نَبْكِي عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمَا: إِنْ كُنْتُمَا صَادِقَيْنِ، فَإِنَّا فِي بَيْعَةٍ بِالْمَوْصِلِ مَعَ سِتِّينَ رَجُلًا نَعْبُدُ اللَّهَ فِيهَا، فَأْتُونَا فِيهَا. فَخَرَجَ الرَّاهِبُ، وَبَقِيَ سَلْمَانُ وَابْنُ الْمَلِكِ؛ فَجَعَلَ يَقُولُ لِابْنِ الْمَلِكِ: انْطَلِقْ بِنَا، وَابْنُ الْمَلِكِ يَقُولُ: نَعَمْ، وَجَعَلَ ابْنُ


الصفحة التالية
Icon