فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذًا: وَمَنْ يَسْتَبْدِلِ بِالْإِيمَانَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ الْكُفْرَ فَيَرْتَدُّ عَنْ دِينِهِ، فَقَدْ حَادَ عَنْ مَنْهَجِ الطَّرِيقِ وَوَسَطِهِ الْوَاضِحِ الْمَسْبُولِ. وَهَذَا الْقَوْلُ ظَاهِرُهُ الْخَبَرُ عَنْ زَوَالِ الْمُسْتَبْدَلِ بِالْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْمَعْنِيُّ بِهِ الْخَبَرُ عَنْهُ أَنَّهُ تَرْكُ دِينِ اللَّهِ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِعِبَادِهِ وَجَعَلَهُ لَهُمْ طَرِيقًا يَسْلُكُونَهُ إِلَى رِضَاهُ، وَسَبِيلًا يَرْكَبُونَهَا إِلَى مَحَبَّتِهِ وَالْفَوْزِ بِجَنَّاتِهِ. فَجَعَلَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الطَّرِيقَ الَّذِي إِذَا رَكِبَ مَحَجَّتَهُ السَّائِرُ فِيهِ وَلَزِمَ وَسَطَهُ الْمُجْتَازُ فِيهِ، نَجَا وَبَلَغَ حَاجَتَهُ وَأَدْرَكَ طَلِبَتَهُ لِدِينِهِ الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ عِبَادَهُ مَثَلًا لِإِدْرَاكِهِمْ بِلُزُومِهِ وَاتِّبَاعِهِ إِدْرَاكَهُمْ طَلِبَاتِهِمْ فِي آخِرَتِهِمْ، كَالَّذِي يُدْرِكُ اللَّازِمَ مَحَجَّةَ السَّبِيلِ بِلُزُومِهِ إِيَّاهَا طِلْبَتَهُ مِنَ النَّجَاةِ مِنْهَا، وَالْوُصُولِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَمَّهُ وَقَصَدَهُ. وَجَعَلَ مَثَلَ الْحَائِدِ عَنْ دِينِهِ وَالْحَائِدِ عَنِ اتِّبَاعِ مَا دَعَاهُ إِلَيْهِ مِنْ عِبَادَتِهِ فِي حَيَاتِهِ مَا رَجَا أَنْ يُدْرِكَهُ بِعَمَلِهِ فِي آخِرَتِهِ وَيَنَالَ بِهِ فِي مَعَادِهِ وَذَهَابِهِ عَمَّا أَمَّلَ مِنْ ثَوَابِ عَمَلِهِ وَبُعْدِهِ بِهِ مِنْ رَبِّهِ، مَثَلَ الْحَائِدِ عَنْ مَنْهَجِ الطَّرِيقِ وَقَصْدِ السَّبِيلِ، الَّذِي لَا يَزْدَادُ وُغُولًا فِي الْوَجْهِ الَّذِي سَلَكُهُ إِلَّا ازْدَادَ مِنْ مَوْضِعِ حَاجَتِهِ بُعْدًا، وَعَنْ الْمَكَانِ الَّذِي أَمَّهُ وَأَرَادَهُ نَأْيًا. وَهَذِهِ السَّبِيلُ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ مَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ


الصفحة التالية
Icon