فِيهِ الْكِفَايَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [البقرة: ١١٧] هُوَ مَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ حَالَ أَمْرِهِ الشَّيْءَ بِالْوُجُودِ حَالُ وُجُودِ الْمَأْمُورِ بِالْوُجُودِ، فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِيَ هُوَ أَوْلَى بِقَوْلِهِ: ﴿فَيَكُونُ﴾ [البقرة: ١١٧] رَفْعٌ عَلَى الْعَطْفِ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿يَقُولُ﴾ [البقرة: ٨] لِأَنَّ الْقَوْلَ وَالْكَوْنَ حَالُهُمَا وَاحِدٌ. وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ الْقَائِلِ: تَابَ فُلَانٌ فَاهْتَدَى، وَاهْتَدَى فُلَانٌ فَتَابَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ تَائِبًا إِلَّا وَهُوَ مُهْتَدٍ، وَلَا مُهْتَدِيًا إِلَّا وَهُوَ تَائِبٌ. فَكَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ آمِرًا شَيْئًا بِالْوُجُودِ إِلَّا وَهُوَ مَوْجُودٌ، وَلَا مَوْجُودًا إِلَّا وَهُوَ آمِرُهُ بِالْوُجُودِ؛ وَلِذَلِكَ اسْتَجَازَ مَنِ اسْتَجَازَ نَصْبَ «فَيَكُونَ» مَنْ قَرَأَ: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونَ) بِالْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْنَا عَلَى مَعْنَى: أَنْ نَقُولَ فَيَكُونَ. وَأَمَّا رَفْعُ مَنْ رَفَعَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ رَأَى أَنَّ الْخَبَرَ قَدْ تَمَّ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ﴾ [النحل: ٤٠] إِذْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ اللَّهَ إِذَا حَتَمَ قَضَاءَهُ عَلَى شَيْءٍ كَانَ الْمَحْتُومُ عَلَيْهِ مَوْجُودًا، ثُمَّ ابْتَدَأَ بِقَوْلِهِ: فَيَكُونُ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ﴾ [الحج: ٥]، وَكَمَا قَالَ ابْنُ أَحْمَرَ:
[البحر الوافر]



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
يُعَالِجُ عَاقِرًا أَعْيَتْ عَلَيْهِ لِيُلْقِحَهَا فَيُنْتِجَهَا حُوَارَا