وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ: ﴿وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: ١٣٣] أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الْحَالِ، كَأَنَّهُمْ قَالُوا: نَعْبُدُ إِلَهِكَ مُسْلِمَيْنَ لَهُ بِطَاعَتِنَا وَعِبَادَتِنَا إِيَّاهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا مُسْتَأْنَفًا، فَيَكُونُ بِمَعْنَى: نَعْبُدُ إِلَهِكَ بَعْدَكَ، وَنَحْنُ لَهُ الْآنَ وَفِي كُلِّ حَالٍ مُسْلِمُونَ. وَأَحْسَنُ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْحَالِ، وَأَنْ يَكُونُ بِمَعْنَى: نَعْبُدُ إِلَهِكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ مُسْلِمَيْنَ لِعِبَادَتِهِ. وَقِيلَ: إِنَّمَا قُدِّمَ ذِكْرُ إِسْمَاعِيلَ عَلَى إِسْحَاقَ لِأَنَّ إِسْمَاعِيلَ كَانَ أَسَنَّ مِنْ إِسْحَاقَ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: " فِي قَوْلِهِ: ﴿قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ﴾، قَالَ: يُقَالُ بَدَأَ بِإِسْمَاعِيلَ لِأَنَّهُ أَكْبَرُ " وَقَرَأَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ: وَإِلَهَ أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ إِذْ كَانَ عَمًّا لِيَعْقُوبَ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيمَنْ تُرْجِمَ بِهِ عَنِ الْآبَاءِ وَدَاخِلًا فِي عِدَادِهِمْ. وَذَلِكَ مِنْ قَارِئِهِ كَذَلِكَ قِلَّةُ عِلْمٍ مِنْهُ بِمَجَارِي كَلَامِ الْعَرَبِ. وَالْعَرَبُ لَا تَمْتَنِعُ مِنْ أَنْ تَجْعَلَ الْأَعْمَامَ بِمَعْنَى الْآبَاءِ، وَالْأَخْوَالَ بِمَعْنَى الْأُمَّهَاتِ، فَلِذَلِكَ دَخَلَ إِسْمَاعِيلُ فِيمَنْ تُرْجِمَ بِهِ عَنِ الْآبَاءِ. وَإِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ تَرْجَمَةٌ عَنِ الْآبَاءِ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ، وَلَكِنَّهُمْ نُصِبُوا بِأَنَّهُمْ لَا يُجَرُّونَ.


الصفحة التالية
Icon