أَدْبَرْتَ عَنْهُ، ثُمَّ يُقَالَ: وَلَّيْتُ إِلَيْهِ بِمَعْنَى أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ مُوَلِّيًا عَنْ غَيْرِهِ. وَالْفِعْلُ، أَعِنِّي التَّوْلِيَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ [البقرة: ١٤٨] لِلْكُلِّ «وَ» هُوَ «الَّتِي مَعَ» مُوَلِّيهَا «هُوَ» الْكَلُّ «وَحُدَّتْ لِلْفَظِ» الْكُلِّ ". فَمَعْنَى الْكَلَامِ إِذًا: وَلِكُلِّ أَهْلِ مِلَّةٍ وِجْهَةٌ، الْكُلُّ مِنْهُمْ مُوَلُّوهَا وُجُوهَهُمْ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ قَرَءُوا: «هُوَ مُوَلَّاهَا» بِمَعْنَى أَنَّهُ مُوَجَّهٌ نَحْوَهَا وَيَكُونُ الْكَلَامُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُسَمًّى فَاعِلُهُ، وَلَوْ سُمِّيَ فَاعِلُهُ لَكَانَ الْكَلَامُ: وَلِكُلِّ ذِي مِلَّةٍ وِجْهَةٌ اللَّهُ مُوَلِّيِهِ إِيَّاهَا، بِمَعْنَى مُوَجِّهُهُ إِلَيْهَا. وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْضُهُمِ أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ: «وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ» بِتَرْكِ التَّنْوِينِ وَالْإِضَافَةِ. وَذَلِكَ لَحْنٌ، وَلَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ كَانَ الْخَبَرُ غَيْرَ تَامٍّ، وَكَانَ كَلَامًا لَا مَعْنَى لَهُ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ.