حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ " ﴿أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ [البقرة: ١٥٩] الْبَهَائِمُ: الْإِبِلُ، وَالْبَقَرُ، وَالْغَنَمُ، فَتَلْعَنُ عُصَاةَ بَنِي آدَمَ إِذَا أَجْدَبَتِ الْأَرْضُ " فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَمَا وَجْهُ الَّذِينَ وَجَّهُوا تَأْوِيلَ قَوْلِهِ: ﴿وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ [البقرة: ١٥٩] إِلَى أَنَّ اللَّاعِنِينَ هُمُ الْخَنَافِسُ وَالْعَقَارِبُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ هَوَامِّ الْأَرْضِ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهَا إِذَا جَمَعْتَ مَا كَانَ مِنْ نَوْعِ الْبَهَائِمِ وَغَيْرِ بَنِي آدَمَ، فَإِنَّمَا تَجْمَعُهُ بِغَيْرِ الْيَاءِ وَالنُّونِ وَغَيْرِ الْوَاوِ وَالنُّونِ، وَإِنَّمَا تَجْمَعُهُ بِالتَّاءِ، وَمَا خَالَفَ مَا ذَكَرْنَا، فَتَقُولُ اللَّاعِنَاتُ وَنَحْوَ ذَلِكَ؟ قِيلَ: الْأَمْرُ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ مِنْ شَأْنِ الْعَرَبِ إِذَا وَصَفْتَ شَيْئًا مِنَ الْبَهَائِمِ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا حُكْمُ جَمْعِهِ أَنْ يَكُونَ بِالتَّاءِ وَبِغَيْرِ صُورَةِ جَمْعِ ذُكْرَانِ بَنِي آدَمَ بِمَا هُوَ مِنْ صِفَةِ الْآدَمَيِّينَ أَنْ يَجْمَعُوهُ جَمْعَ ذُكُورِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا﴾ [فصلت: ٢١] فَأَخْرَجَ خِطَابَهُمْ عَلَى مِثَالِ خِطَابِ بَنِي آدَمَ إِذْ كَلَّمْتَهُمْ وَكَلَّمُوهَا، وَكَمَا قَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ﴾ [النمل: ١٨] وَكَمَا قَالَ: ﴿وَالشَّمْسَ -[٧٣٦]- وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ [يوسف: ٤] وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ [البقرة: ١٥٩] الْمَلَائِكَةَ وَالْمُؤْمِنِينَ