حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ، ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ، ثنا أَبُو زُهَيْرٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ ﴿أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ [البقرة: ١٥٩] قَالَ «الْكَافِرُ إِذَا وُضِعَ فِي حُفْرَتِهِ ضُرِبَ ضَرْبَةً بِمَطْرَقٍ فَيَصِيحُ صَيْحَةُ يَسْمَعُ صَوْتَهُ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ الْجِنَّ، وَالْإِنْسَ فَلَا يَسْمَعُ صَيْحَتَهُ شَيْءٌ إِلَّا لَعَنَهُ» وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِالصِّحَّةِ عِنْدَنَا قَوْلُ مَنْ قَالَ: اللَّاعِنُونَ: الْمَلَائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ وَصَفَ الْكُفَّارَ بِأَنَّ اللَّعْنَةَ الَّتِي تَحِلُّ بِهِمْ إِنَّمَا هِيَ مِنَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، فَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [البقرة: ١٦١] فَكَذَلِكَ اللَّعْنَةُ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهَا حَالَّةٌ بِالْفَرِيقِ الْآخَرِ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ، هِيَ لَعْنَةُ اللَّهِ الَّتِي أَخْبَرَ أَنَّ لَعَنْتَهُمُ حَالَّةُ بِالَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ، وَهُمُ اللَّاعِنُونَ، لِأَنَّ الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا أَهْلُ كُفْرٍ. وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّاعِنَيْنِ هُمُ الْخَنَافِسُ وَالْعَقَارِبُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ دَبِيبِ الْأَرْضِ وَهَوَّامِهَا، فَإِنَّهُ قَوْلٌ لَا تُدْرِكُ حَقِيقَتَهُ إِلَّا بِخَبَرٍ عَنِ اللَّهِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ، وَلَا خَبَرَ بِذَلِكَ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَجُوزُ أَنْ