حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَحَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ: " لَمَّا أَتَى أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ وَالَّذِينَ ادَّعَوْا عَلَيْهِمْ قَتْلَ صَاحِبِهِمْ مُوسَى وَقَصُّوا قِصَّتَهُمْ عَلَيْهِ، أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ يَذْبَحُوا بَقَرَةً، فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [البقرة: ٦٧] قَالُوا: وَمَا الْبَقَرَةُ وَالْقَتِيلُ؟ قَالَ: أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً، وَتَقُولُونَ: أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَقَالَ الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ [البقرة: ٦٧] بَعْدَ أَنْ عَلِمُوا وَاسْتَقَرَّ عِنْدَهُمْ أَنَّ الَّذِيَ أَمَرَهُمْ بِهِ مُوسَى عَلَيْه السَّلَامُ مِنْ ذَلِكَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ مِنْ ذَبْحِ بَقَرَةٍ جَدٌّ وَحَقٌّ: ﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ﴾ [البقرة: ٦٨] فَسَأَلُوا مُوسَى أَنْ يَسْأَلَ رَبَّهُ لَهُمْ مَا كَانَ اللَّهُ قَدْ كَفَاهُمْ بِقَوْلِهِ لَهُمْ: اذْبَحُوا بَقَرَةً؛ لِأَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِذِبْحِ بَقَرَةٍ مِنَ الْبَقَرِ أَيِّ بَقَرَةٍ شَاءُوا ذَبْحَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْصُرَ لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى نَوْعٍ مِنْهَا دُونَ نَوْعٍ أَوْ صِنْفٍ دُونَ صِنْفٍ، فَقَالُوا بِجَفَاءِ أَخْلَاقِهِمْ وَغِلَظِ طَبَائِعِهِمْ وَسُوءِ أَفْهَامِهِمْ، وَتَكَلُّفِ مَا قَدْ وَضَعَ اللَّهُ عَنْهُمْ مُؤْنَتَهُ، تَعَنُّتًا مِنْهُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَمَّا قَالَ لَهُمْ مُوسَى: ﴿أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ -[٨٣]- الْجَاهِلِينَ﴾ [البقرة: ٦٧] قَالُوا لَهُ يَتَعَنَّتُونَهُ: ﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ﴾ [البقرة: ٦٨] فَلَمَّا تَكَلَّفُوا جَهْلًا مِنْهُمْ مَا تَكَلَّفُوا مِنَ الْبَحْثِ عَمَّا كَانُوا قَدْ كُفُوهُ مِنْ صِفَةِ الْبَقَرَةِ الَّتِي أُمِرُوا بِذَبْحِهَا تَعَنُّتًا مِنْهُمْ بِنَبِيِّهِمْ مُوسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ بَعْدَ الَّذِي كَانُوا أَظْهَرُوا لَهُ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ بِهِ فِيمَا أَخْبَرَهُمْ عَنِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِمْ: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾ [البقرة: ٦٧] عَاقَبَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ بِأَنْ خَصَّ بِذِبْحِ مَا كَانَ أَمَرَهُمْ بِذَبْحِهِ مِنَ الْبَقَرِ عَلَى نَوْعٍ مِنْهَا دُونَ نَوْعٍ، فَقَالَ لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِذْ سَأَلُوهُ فَقَالُوا: مَا هِيَ صِفَتُهَا وَمَا حِلْيَتُهَا؟ حَلِّهَا لَنَا لِنَعْرِفَهَا قَالَ: ﴿إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ﴾ [البقرة: ٦٨] " يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿لَا فَارِضٌ﴾ [البقرة: ٦٨] لَا مُسِنَّةٌ هَرِمَةٌ، يُقَالُ مِنْهُ: فَرَضَتِ الْبَقَرَةُ تَفْرِضُ فُرُوضًا، يَعْنِي بِذَلِكَ أَسَنَّتْ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الرجز]
يَا رُبَّ ذِي ضِغْنٍ عَلَيَّ فَارِضِ | لَهُ قُرُوءٌ كَقُرُوءِ الْحَائِضِ |
يَعْنِي بِقَوْلِهِ فَارِضٌ: قَدِيمٌ يَصِفُ ضِغْنًا قَدِيمًا. وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
لَهُ زِجَاجٌ وَلَهَاةٌ فَارِضُ | -[٨٤]- هَدْلَاءُ كَالْوَطْبِ نَحَاهُ الْمَاخِضُ |
وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ فَارِضٍ قَالَ الْمُتَأَوِّلُونَ