حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: «هِيَ صَفْرَاءُ»
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: " ﴿إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا﴾ [البقرة: ٦٩] قَالَ: لَوْ أَخَذُوا بَقَرَةً صَفْرَاءَ لَأَجْزَأَتْ عَنْهُمْ " قَالَ أَبُوجَعْفَرٍ: وَأَحْسِبُ أَنَّ الَّذِيَ قَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿صَفْرَاءُ﴾ [البقرة: ٦٩] يَعْنِي بِهِ سَوْدَاءَ، ذَهَبَ إِلَى قَوْلِهِ فِي نَعْتِ الْإِبِلِ السُّرُدِ: هَذِهِ إِبِلٌ صُفْرٌ، وَهَذِهِ نَاقَةٌ صَفْرَاءُ؛ يَعْنِي بِهَا سَوْدَاءَ. وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ فِي الْإِبِلِ لِأَنَّ سَوَادَهَا يَضْرِبُ إِلَى الصُّفْرَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الخفيف]

تِلْكَ خَيْلِي مِنْهَا وَتِلْكَ رِكَابِي هُنَّ صُفْرٌ أَوْلَادُهَا كَالزَّبِيبِ
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: هُنَّ صُفْرٌ: هُنَّ سُودٌ، وَذَلِكَ إِنْ وُصِفَتِ الْإِبِلُ بِهِ فَلَيْسَ مِمَّا تُوصَفُ بِهِ الْبَقَرُ، مَعَ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَصِفُ السَّوَادَ بِالْفُقُوعِ، وَإِنَّمَا تَصِفُ السَّوَادَ إِذَا وَصَفَتْهُ بِالشِّدَّةِ بِالْحُلُوكَةِ وَنَحْوِهَا، فَتَقُولُ: هُوَ أَسْوَدُ -[٩٥]- حَالِكٌ وَحَانِكٌ وَحُلْكُوكٌ، وَأَسْوَدُ غِرْبِيبٌ وَدَجُوجِيٌّ، وَلَا تَقُولُ: هُوَ أَسْوَدُ فَاقِعٌ، وَإِنَّمَا تَقُولُ هُوَ أَصْفَرُ فَاقِعٌ. فَوَصْفُهُ إِيَّاهُ بِالْفُقُوعِ مِنَ الدَّلِيلِ الْبَيِّنِ عَلَى خِلَافِ التَّأْوِيلِ الَّذِي تَأَوَّلَهُ قَوْلَهُ: ﴿إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ﴾ [البقرة: ٦٩] الْمُتَأَوَّلُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ سَوْدَاءَ شَدِيدَةُ السَّوَادِ


الصفحة التالية
Icon