وَقَوْلُهُ: ﴿أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ [الزمر: ٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَلَا لِلَّهِ الْعِبَادَةُ وَالطَّاعَةُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، خَالِصَةً لَا شِرْكَ لِأَحَدٍ مَعَهُ فِيهَا، فَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ لِأَحَدٍ، لِأَنَّ كُلَّ مَا دُونَهُ مِلْكُهُ، وَعَلَى الْمَمْلُوكِ طَاعَةُ مَالِكِهِ لَا مَنْ لَا يَمْلِكُ مِنْهُ شَيْئًا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ [الزمر: ٣] «شَهَادَةُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ يَتَوَلَّوْنَهُمْ، وَيَعْبُدُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ، يَقُولُونَ لَهُمْ: مَا نَعْبُدُكُمْ أَيُّهَا الْآلِهَةُ إِلَّا لِتُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى، قُرْبَةً وَمَنْزِلَةً، وَتَشْفَعُوا لَنَا عِنْدَهُ فِي حَاجَاتِنَا؛ وَهِيَ فِيمَا ذُكِرَ فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ: «مَا نَعْبُدُكُمْ»، وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: «قَالُوا مَا نَعْبُدُهُمْ» وَإِنَّمَا حَسَنٌ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحِكَايَةَ إِذَا كَانَتْ بِالْقَوْلِ مُضْمَرًا كَانَ أَوْ -[١٥٧]- ظَاهِرًا، جُعِلَ الْغَائِبَ أَحْيَانًا كَالْمُخَاطَبِ، وَيُتْرَكُ أُخْرَى كَالْغَائِبِ، وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ فِيمَا مَضَى