وَقَوْلُهُ: ﴿أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ [الزمر: ١٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَلَا إِنَّ خُسْرَانَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَذَلِكَ هَلَاكُهَا هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هُوَ الْهَلَاكُ الَّذِي يَبِينُ لِمَنْ عَايَنَهُ وَعَلِمَهُ أَنَّهُ الْخُسْرَانُ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِهَؤُلَاءِ الْخَاسِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي جَهَنَّمَ: ﴿مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ﴾ [الزمر: ١٦] وَذَلِكَ كَهَيْئَةِ الظُّلَلِ الْمَبْنِيَّةِ مِنَ النَّارِ ﴿وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ﴾ [الزمر: ١٦] يَقُولُ: وَمَنْ تَحْتِهِمْ مِنَ النَّارِ مَا يَعْلُوهُمْ، حَتَّى يَصِيرَ مَا يَعْلُوهُمْ مِنْهَا مِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلًا، وَذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَهُمْ: ﴿مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ [الأعراف: ٤١] يَغْشَاهُمْ مِمَّا تَحْتَهُمْ فِيهَا مِنَ الْمِهَادِ
وَقَوْلُهُ: ﴿ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ﴾ [الزمر: ١٦] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَذَا الَّذِي أَخْبَرْتُكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ بِهِ، مِمَّا لِلْخَاسِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْعَذَابِ، تَخْوِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ لَكُمْ، يُخَوِّفُكُمْ بِهِ لِتَحْذَرُوهُ، فَتَجْتَنِبُوا مَعَاصِيَهُ، وَتُنِيبُوا مِنْ كُفْرِكُمْ إِلَى الْإِيمَانِ -[١٨٣]- بِهِ، وَتَصْدِيقِ رَسُولِهِ، وَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، فَتَنْجُوا مِنْ عَذَابِهِ فِي الْآخِرَةِ ﴿فَاتَّقُونِ﴾ [البقرة: ٤١] يَقُولُ: فَاتَّقُونِي بِأَدَاءِ فَرَائِضِي عَلَيْكُمْ، وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيِّ، لِتَنْجُوا مِنْ عَذَابِي وَسَخَطِي