الْقَوْمُ ضَرَبْتُ مَنْ قَامَ، يَقُولُ: الْمَعْنَى: أَلِتَجْرِئَةٍ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلِمَةِ: أَفَأَنْتَ تَهْدِي يَا مُحَمَّدُ مَنْ قَدْ سَبَقَ لَهُ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ إِلَى الْإِيمَانِ، فَتَنْقِذُهُ مِنَ النَّارِ بِالْإِيمَانِ؟ لَسْتَ عَلَى ذَلِكَ بِقَادِرٍ
وَقَوْلُهُ: ﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقُوا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ﴾ [الزمر: ٢٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقُوا رَبَّهُمْ بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ وَاجْتِنَابِ مَحَارِمِهِ، لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَالِيُّ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [البقرة: ٢٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: تَجْرِي مِنْ تَحْتِ أَشْجَارِ جَنَّاتِهَا الْأَنْهَارُ وَقَوْلُهُ: ﴿وَعَدَ اللَّهِ﴾ [النساء: ٩٥] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَعْدُنَا هَذِهِ الْغُرَفَ الَّتِي مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ فِي الْجَنَّةِ، هَؤُلَاءِ الْمُتَّقِينَ ﴿لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ﴾ [الزمر: ٢٠] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَاللَّهُ لَا يُخْلِفُهُمْ وَعْدَهُ، وَلَكِنَّهُ يُوفِي بِوَعْدِهِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [الزمر: ٢١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ [البقرة: ٢٤٣] يَا مُحَمَّدُ ﴿أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ [الحج: ٦٣] وَهُوَ الْمَطَرُ ﴿فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ﴾ [الزمر: ٢١] يَقُولُ: فَأَجْرَاهُ عُيُونًا فِي الْأَرْضِ؛ وَاحِدُهَا يَنْبُوعٌ، وَهُوَ مَا جَاشَ مِنَ الْأَرْضِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ