وَقَوْلُهُ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [الفاتحة: ٢] يَقُولُ: الشُّكْرُ الْكَامِلُ وَالْحَمْدُ التَّامُّ لِلَّهِ وَحْدِهِ دُونَ كُلِّ مَعْبُودٍ سِوَاهُ. وَقَوْلُهُ: ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٧٥] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَمَا يَسْتَوِي هَذَا الْمُشْتَرَكُ فِيهِ، وَالَّذِي هُوَ مُنْفَرِدٌ مُلْكُهُ لِوَاحِدٍ، بَلْ أَكْثَرُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمَا لَا يَسْتَوِيَانِ، فَهُمْ بِجَهْلِهِمْ بِذَلِكَ يَعْبُدُونَ آلِهَةً شَتَّى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَقِيلَ: ﴿هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا﴾ [هود: ٢٤] وَلَمْ يَقُلْ: مِثْلَيْنِ لِأَنَّهُمَا كِلَاهُمَا ضُرِبَا مَثَلًا وَاحِدًا، فَجَرَى الْمَثَلُ بِالتَّوْحِيدِ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأَمَّهُ آيَةً﴾ [المؤمنون: ٥٠] إِذْ كَانَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا فِي الْآيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ﴾ [الزمر: ٣١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكَ يَا مُحَمَّدُ مَيِّتٌ عَنْ قَلِيلٍ، وَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِيكَ مِنْ قَوْمِكَ وَالْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ مَيِّتُونَ ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾ [الزمر: ٣١] يَقُولُ: ثُمَّ إِنَّ جَمِيعَكُمُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ فَيَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنْكُمْ مِنَ الظَّالِمِ، وَيُفْصَلُ بَيْنَ جَمِيعِكُمْ بِالْحَقِّ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِهِ اخْتِصَامَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ، وَاخْتِصَامَ الْمَظْلُومِ وَالظَّالِمِ