ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، قَالَ: ثني ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: " أَتَى رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا اللَّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلْقَهُ؟ فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْتَقَعَ لَوْنُهُ، ثُمَّ سَاوَرَهُمْ غَضَبًا لِرَبِّهِ؛ فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ فَسَكَّنَهُ، وَقَالَ: اخْفِضْ عَلَيْكَ جَنَاحَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَجَاءَهُ مِنَ اللَّهِ جَوَابُ مَا سَأَلُوهُ عَنْهُ، قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ٢] فَلَمَّا تَلَاهَا عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: صِفْ لَنَا رَبَّكَ؛ كَيْفَ خَلْقُهُ، وَكَيْفَ عَضُدُهُ، وَكَيْفَ ذِرَاعُهُ؟ فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ مِنْ غَضَبِهِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ سَاوَرَهُمْ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، وَأَتَاهُ بِجَوَابِ مَا سَأَلُوهُ عَنْهُ ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ "
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: " تَكَلَّمَتِ الْيَهُودُ فِي صِفَةِ الرَّبِّ، فَقَالُوا مَا لَمْ يَعْلَمُوا وَلَمْ يَرَوْا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الأنعام: ٩١] ثُمَّ بَيَّنَ لِلنَّاسِ عَظَمَتَهُ فَقَالَ: ﴿وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ «فَجَعَلَ صِفَتَهُمُ الَّتِي وَصَفُوا اللَّهَ بِهَا شِرْكًا» -[٢٥٣]- وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ﴿وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ يَقُولُ فِي قَدَّرْتِهِ، نَحْوُ قَوْلِهِ: ﴿وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣٦] أَيْ وَمَا كَانَتْ لَكُمْ عَلَيْهِ قُدْرَةٌ وَلَيْسَ الْمِلْكُ لِلْيَمِينِ دُونَ سَائِرِ الْجَسَدِ، قَالَ: وَقَوْلُهُ ﴿قَبْضَتُهُ﴾ [الزمر: ٦٧] نَحْوُ قَوْلُكَ لِلرَّجُلِ: هَذَا فِي يَدِكَ وَفِي قَبْضَتِكَ وَالْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ، تَشْهَدُ عَلَيَّ بِطُولِ هَذَا الْقَوْلِ


الصفحة التالية