وَكَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ [البروج: ١٥] فَرَفَعَ فَعَّالٌ وَهُوَ نَكِرَةٌ مَحْضَةٌ، وَأَتْبَعَ إِعْرَابَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ؛ وَالْآخَرُ: أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: أَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَتِهِ تَعَالَى، إِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ لِذُنُوبِ الْعِبَادِ غَفُورًا مِنْ قَبْلِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَفِي حَالِ نُزُولِهَا، وَمِنْ بَعْدِ ذَلِكَ، فَيَكُونُ عِنْدَ ذَلِكَ مَعْرِفَةً صَحِيحَةً وَنَعْتًا عَلَى الصِّحَّةِ وَقَالَ: ﴿غَافِرُ الذَّنْبِ﴾ [غافر: ٣] وَلَمْ يَقُلِ الذُّنُوبَ، لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْفِعْلُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَقَابِلُ التَّوْبِ﴾ [غافر: ٣] فَإِنَّ التَّوْبَ قَدْ يَكُونُ جَمْعَ تَوْبَةٍ، كَمَا يُجْمَعُ الدَّوْمَةُ دَوْمًا وَالْعَوْمَةُ عَوْمًا مِنْ عَوْمَةِ السَّفِينَةِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر البسيط]
عَوْمَ السَّفِينَ فَلَمَّا حَالَ دُونَهُمُ | وَقَدْ يَكُونُ مَصْدَرَ تَابَ يَتُوبُ تَوْبًا |