وَقَوْلُهُ: ﴿وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ﴾ [غافر: ٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ رُسُلَهَا، الْمُتَحَزِّبَةِ عَلَى أَنْبِيَائِهَا، بِرَسُولِهِمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ لِيَأْخُذُوهُ فَيَقْتُلُوهُ
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ﴾ [غافر: ٥] «أَيْ لِيَقْتُلُوهُ» وَقِيلَ بِرَسُولِهِمْ؛ وَقَدْ قِيلَ: كُلُّ أُمَّةٍ، فَوُجِّهَتِ الْهَاءُ وَالْمِيمُ إِلَى الرَّجُلِ دُونَ لَفْظِ الْأُمَّةِ، وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ «بِرَسُولِهَا»، يَعْنِي بِرَسُولِ الْأُمَّةِ
وَقَوْلُهُ: ﴿وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ﴾ [غافر: ٥] يَقُولُ: وَخَاصَمُوا رَسُولَهُمْ بِالْبَاطِلِ مِنَ الْخُصُومَةِ لِيُبْطِلُوا بِجِدَالِهِمْ إِيَّاهُ وَخُصُومَتِهِمْ لَهُ الْحَقَّ الَّذِي جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، مِنَ الدُّخُولِ فِي طَاعَتِهِ، وَالْإِقْرَارِ بِتَوْحِيدِهِ، وَالْبَرَاءَةِ مِنْ عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ، كَمَا يُخَاصِمُكَ كُفَّارُ قَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ بِالْبَاطِلِ
وَقَوْلُهُ: ﴿فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ﴾ [غافر: ٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: -[٢٨٢]- فَأَخَذْتُ الَّذِينَ هَمُّوا بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ بِالْعَذَابِ مِنْ عِنْدِي، فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِي إِيَّاهُمْ، أَلَمْ أُهْلِكْهُمْ فَأَجْعَلُهُمْ لِلْخَلْقِ عِبْرَةً، وَلِمَنْ بَعْدَهُمْ عِظَةً؟ وَأَجْعَلُ دِيَارَهُمْ وَمَسَاكِنَهُمْ مِنْهُمْ خَلَاءً، وَلِلْوُحُوشِ ثَوَاءً


الصفحة التالية