ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا﴾ [غافر: ٤٦] قَالَ: " يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا صَبَاحًا وَمَسَاءً، يُقَالُ لَهُمْ: يَا آلَ فِرْعَوْنَ هَذِهِ مَنَازِلُكُمْ، تَوْبِيخًا وَنَقْمَةً وَصَغَارًا لَهُمْ "
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: ﴿غُدُوًّا وَعَشِيًّا﴾ [غافر: ٤٦] قَالَ: «مَا كَانَتِ الدُّنْيَا» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَنَّ آلَ فِرْعَوْنَ يُعْرَضُونَ عَلَى النَّارِ غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعَرْضُ عَلَى النَّارِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ الْهُذَيْلِ وَمَنْ قَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ، وَأَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ قَتَادَةُ، وَلَا خَبَرَ يُوجِبُ الْحُجَّةَ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَعْنِيُّ بِهِ، فَلَا فِي ذَلِكَ إِلَّا مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ، وَهُمْ أَنَّهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَى النَّارِ غُدُوًّا وَعَشِيًّا، وَأَصْلُ الْغُدُوِّ وَالْعَشِيِّ مَصَادِرُ جُعِلَتْ أَوْقَاتًا وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ يَقُولُ فِي ذَلِكَ: إِنَّمَا هُوَ مَصْدَرٌ، كَمَا تَقُولُ: أَتَيْتُهُ ظَلَامًا؛ جَعَلَهُ ظَرْفًا وَهُوَ مَصْدَرٌ. قَالَ: وَلَوْ قُلْتَ: مَوْعِدُكَ غُدْوَةٌ، أَوْ مَوْعِدُكَ -[٣٤٠]- ظَلَامٌ، فَرَفَعْتُهُ، كَمَا تَقُولُ: مَوْعِدُكَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، لَمْ يَحْسُنْ، لِأَنَّ هَذِهِ الْمَصَادِرَ وَمَا أَشْبَهُهَا مِنْ نَحْوِ سَحَرَ لَا تُجْعَلُ إِلَّا ظَرْفًا؛ قَالَ: وَالظَّرْفُ كُلُّهُ لَيْسَ بِمُتَمَكِّنٍ؛ وَقَالَ نَحْوِيُّو الْكُوفَةِ: لَمْ يُسْمَعْ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، وَإِنْ كَانَتْ مَصَادِرَ، إِلَّا التَّعْرِيبُ: مَوْعِدُكَ يَوْمَ مَوْعِدِكَ صَبَاحٌ وَرَوَاحٌ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ﴾ [سبأ: ١٢] فَرُفِعَ، وَذَكَرُوا أَنَّهُمْ سَمِعُوا: إِنَّمَا الطَّيْلَسَانُ، شَهْرَانِ، قَالُوا: وَلَمْ يُسْمَعْ فِي الْأَوْقَاتِ النَّكِرَاتِ إِلَّا الرَّفْعُ إِلَّا قَوْلُهُمْ: إِنَّمَا سَخَاؤُكَ أَحْيَانًا، وَقَالُوا: إِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى: إِنَّمَا سَخَاؤُكَ الْحِينُ بَعْدَ الْحِينِ، فَلَمَّا كَانَ تَأْوِيلَهُ الْإِضَافَةُ نُصِبَ


الصفحة التالية
Icon