الدُّنْيَا مِنْ مُكَذِّبِيهِمْ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِنَا مِنْ بَعْدِ مَهْلِكِهِمْ، كَالَّذِي فَعَلْنَا مِنْ نُصْرَتِنَا شَعْيَاءَ بَعْدَ مَهْلِكِهِ، بِتَسْلِيطِنَا عَلَى قَتْلِهِ مَنْ سَلَّطْنَا حَتَّى انْتَصَرْنَا بِهِمْ مِنْ قَتَلَتِهِ، وَكَفِعْلِنَا بِقَتَلَةِ يَحْيَى، مِنْ تَسْلِيطِنَا بُخْتُنَصَّرَ عَلَيْهِمْ حَتَّى انْتَصَرْنَا بِهِ مِنْ قَتْلِهِ لَهُ وَكَانْتِصَارِنَا لِعِيسَى مِنْ مُرِيدِي قَتْلِهِ بِالرُّومِ حَتَّى أَهْلَكْنَاهُمْ بِهِمْ، فَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْهِ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ يُوَجِّهُ مَعْنَى ذَلِكَ إِلَى هَذَا الْوَجْهِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [غافر: ٥١] «قَدْ كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُؤْمِنُونَ يُقْتَلُونَ فِي الدُّنْيَا وَهُمْ مَنْصُورُونَ، وَذَلِكَ أَنَّ تِلْكَ الْأُمَّةَ الَّتِي تَفْعَلُ ذَلِكَ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ لَا تَذْهَبُ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ قَوْمًا فَيَنْتَصِرُ بِهِمْ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ قَتَلُوا مِنْهُمْ» وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ عَنِ الْجَمِيعِ مِنَ الرُّسُلِ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُرَادُ وَاحِدٌ، فَيَكُونُ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ حِينَئِذٍ: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُولَنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ، كَمَا بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى أَنَّ الْعَرَبَ تُخْرِجُ الْخَبَرَ بِلَفْظِ الْجَمِيعِ، وَالْمُرَادُ وَاحِدٌ إِذَا لَمْ تَنْصِبْ لِلْخَبَرِ شَخْصًا بِعَيْنِهِ