الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾ [الشورى: ٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَهَكَذَا ﴿أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ [النساء: ١٦٣] يَا مُحَمَّدُ ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [يوسف: ٢] بِلِسَانِ الْعَرَبِ، لِأَنَّ الَّذِينَ أَرْسَلْتُكَ إِلَيْهِمْ قَوْمٌ عَرَبٌ، فَأَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ بِأَلْسِنَتِهِمْ، لِيَفْهَمُوا مَا فِيهِ مِنْ حُجَجِ اللَّهِ وَذِكْرِهِ، لَأَنَّا لَا نُرْسِلُ رَسُولًا إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴿لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى﴾ [الشورى: ٧] وَهِيَ مَكَّةُ ﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ [الأنعام: ٩٢] يَقُولُ: وَمَنْ حَوْلَ أُمِّ الْقُرَى مِنْ سَائِرِ النَّاسِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: ثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى﴾ [الشورى: ٧] قَالَ: «مَكَّةُ»
وَقَوْلُهُ: ﴿وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ﴾ [الشورى: ٧] يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ: وَتُنْذِرَ عِقَابَ اللَّهِ فِي يَوْمِ الْجَمْعِ عِبَادَهُ لِمَوْقِفِ الْحِسَابِ وَالْعَرْضِ وَقِيلَ: وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ، وَالْمَعْنَى: -[٤٧٠]- وَتُنْذِرُهُمْ يَوْمَ الْجَمْعِ، كَمَا قِيلَ: يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ، وَالْمَعْنَى: يُخَوِّفُكُمْ أَوْلِيَاءَهُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ