إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ} [الشورى: ١٣] يَقُولُ: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ «فَأَنْ» إِذْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَى الْكَلَامِ، فِي مَوْضِعِ نَصَبٍ عَلَى التَّرْجَمَةِ بِهَا عَنْ «مَا» الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا﴾ [الشورى: ١٣] وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ رَدًّا عَلَى الْهَاءِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿بِهِ﴾ [البقرة: ٢٢] وَتَفْسِيرًا عَنْهَا، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ حِينَئِذٍ: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا، أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ حِينَئِذٍ: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ، وَهُوَ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَإِذْ كَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ مَا وَصَفْتُ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِيَ أَوْصَى بِهِ جَمِيعَ هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَصِيَّةً وَاحِدَةً، وَهِيَ إِقَامَةُ الدِّينِ الْحَقِّ، وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: ﴿مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا﴾ [الشورى: ١٣] قَالَ: «مَا أَوْصَاكَ بِهِ وَأَنْبِيَاءَهُ كُلَّهُمْ دَيْنٌ وَاحِدٌ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: ثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا﴾ [الشورى: ١٣] قَالَ: «هُوَ الدِّينُ كُلُّهُ»
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ -[٤٨١]- الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا﴾ [الشورى: ١٣] «بُعِثَ نُوحٌ حِينَ بُعِثَ بِالشَّرِيعَةِ بِتَحْلِيلِ الْحَلَالِ، وَتَحْرِيمِ الْحَرَامِ» ﴿وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى﴾ [الشورى: ١٣]


الصفحة التالية
Icon