وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ الْأَمْرَ عَامِلٌ فِي مَعْنَى لِأَعْدِلَ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ: وَأُمِرْتُ بِالْعَدْلِ بَيْنَكُمْ
وَقَوْلُهُ: ﴿اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ﴾ [الشورى: ١٥] يَقُولُ: اللَّهُ مَالِكُنَا وَمَالِكُكُمْ مَعْشَرَ الْأَحْزَابِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴿لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ﴾ [القصص: ٥٥] يَقُولُ: لَنَا ثَوَابُ مَا اكَتْسَبْنَاهُ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَلَكُمْ ثَوَابُ مَا اكْتَسَبْتُمْ مِنْهَا
وَقَوْلُهُ: ﴿لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾ [الشورى: ١٥] يَقُولُ: لَا خُصُومَةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ.
كَمَا: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَالْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾ [الشورى: ١٥] قَالَ: «لَا خُصُومَةَ»
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾ [الشورى: ١٥] " لَا خُصُومَةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، وَقَرَأَ: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [العنكبوت: ٤٦] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ "
وَقَوْلُهُ: ﴿اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا﴾ [الشورى: ١٥] يَقُولُ: اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقْضِي بَيْنَنَا بِالْحَقِّ فِيمَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ ﴿وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ [المائدة: ١٨] يَقُولُ: وَإِلَيْهِ الْمَعَادُ وَالْمَرْجِعُ بَعْدَ مَمَاتِنَا
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ [الشورى: ١٦]-[٤٨٨]- يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَالَّذِينَ يُخَاصِمُونَ فِي دِينِ اللَّهِ الَّذِي ابْتَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتَجَابَ لَهُ النَّاسُ، فَدَخَلُوا فِيهِ مِنَ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ ﴿حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ﴾ [الشورى: ١٦] يَقُولُ: خُصُومَتُهُمُ الَّتِي يُخَاصِمُونَ فِيهِ بَاطِلَةٌ ذَاهِبَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ ﴿وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ﴾ [الشورى: ١٦] يَقُولُ: وَعَلَيْهِمْ مِنَ اللَّهِ غَضَبٌ، وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ، وَهُوَ عَذَابُ النَّارِ وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ خَاصَمُوا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دِينِهِمْ، وَطَمِعُوا أَنْ يَصُدُّوهُمْ عَنْهُ، وَيَرُدُّوهُمْ عَنِ الْإِسْلَامِ إِلَى الْكُفْرِ


الصفحة التالية
Icon