وَقَوْلُهُ: ﴿وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ [الشورى: ٢٦] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَالْكَافِرُونَ بِاللَّهِ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ عَلَى كُفْرِهِمْ بِهِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الشورى: ٢٦] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَيِ اسْتَجَابَ فَجَعَلَهُمْ هُمُ الْفَاعِلِينَ، فَالَّذِينَ فِي قَوْلِهِ رَفْعٌ، وَالْفِعْلُ لَهُمْ وَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ: وَاسْتَجَابَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لِرَبِّهِمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ، وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ إِذْ دَعَاهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَقَالَ آخَرُ مِنْهُمْ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَيُجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَذَا الْقَوْلُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا الرَّفْعُ، بِمَعْنَى: وَيُجِيبُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَالْآخَرُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الشورى: ٢٦] يَكُونُ «الَّذِينَ» فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِمَعْنَى: وَيُجِيبُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَقَدْ جَاءَ فِي التَّنْزِيلِ: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ﴾ [آل عمران: ١٩٥] وَالْمَعْنَى: فَأَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ، إِلَّا أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ اسْتَجَابَ، أَدْخَلْتَ اللَّامَ فِي الْمَفْعُولِ، وَإِذَا قُلْتَ أَجَابَ حَذَفْتَ اللَّامَ، وَيَكُونُ اسْتَجَابَهُمْ، بِمَعْنَى: اسْتَجَابَ لَهُمْ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ﴾ [المطففين: ٣] وَالْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ: إِذَا كَالُوا لَهُمْ، أَوْ وَزَنَوْا لَهُمْ ﴿يُخْسِرُونَ﴾ [المطففين: ٣] قَالَ: وَيَكُونُ «الَّذِينَ» فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ إِنْ يُجْعَلِ الْفِعْلُ لَهُمْ، أَيِ