حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنِي عَمِّي قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [الشورى: ٣٠] الْآيَةَ قَالَ: «يُعَجَّلُ لِلْمُؤْمِنِينَ عُقُوبَتُهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَلَا يُؤَاخَذُونَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِذَلِكَ: وَمَا عُوقِبْتُمْ فِي الدُّنْيَا مِنْ عُقُوبَةٍ بِحَدٍّ حَدَدْتُمُوهُ عَلَى ذَنْبٍ اسْتَوْجَبْتُمُوهُ عَلَيْهِ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ يَقُولُ: فَبِمَا عَمِلْتُمْ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ ﴿وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [المائدة: ١٥] فَلَا يُوجِبُ عَلَيْكُمْ فِيهَا حَدًّا
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ﴾ [الشورى: ٣٠] الْآيَةَ قَالَ: «هَذَا فِي الْحُدُودِ» وَقَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنَا أَنَّهُ مَا مِنْ رَجُلٍ يُصِيبُهُ عَثْرَةُ قَدَمٍ وَلَا خَدْشُ عُودٍ أَوْ كَذَا وَكَذَا إِلَّا بِذَنْبٍ، أَوْ يَعْفُو، وَمَا يَعْفُو أَكْثَرُ
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ﴾ [العنكبوت: ٢٢] يَقُولُ: وَمَا أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّاسُ -[٥١٥]- بِمُفِيتِي رَبِّكُمْ بِأَنْفُسِكُمْ إِذَا أَرَادَ عُقُوبَتَكُمْ عَلَى ذُنُوبِكُمُ الَّتِي أَذْنَبْتُمُوهَا، وَمَعْصِيَتِكُمْ إِيَّاهُ الَّتِي رَكِبْتُمُوهَا هَرَبًا فِي الْأَرْضِ، فَمُعْجِزِيهِ، حَتَّى لَا يَقْدِرَ عَلَيْكُمْ، وَلَكِنَّكُمْ حَيْثُ كُنْتُمْ فِي سُلْطَانِهِ وَقَبْضَتِهِ، جَارِيَةٌ فِيكُمْ مَشِيئَتُهُ ﴿وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ﴾ [البقرة: ١٠٧] يَلِيكُمْ بِالدِّفَاعِ عَنْكُمْ إِذَا أَرَادَ عُقُوبَتَكُمْ عَلَى مَعْصِيَتِكُمْ إِيَّاهُ ﴿وَلَا نَصِيرٍ﴾ [البقرة: ١٠٧] يَقُولُ: وَلَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ نَصِيرٌ يَنْصُرُكُمْ إِذَا هُوَ عَاقَبَكُمْ، فَيَنْتَصِرُ لَكُمْ مِنْهُ، فَاحْذَرُوا أَيُّهَا النَّاسُ مَعَاصِيهِ، وَاتَّقُوهُ أَنْ تُخَالِفُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ أَوْ نَهَاكُمْ، فَإِنَّهُ لَا دَافِعَ لِعُقُوبَتِهِ عَمَّنْ أَحَلَّهَا بِهِ


الصفحة التالية
Icon