ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: ثَنَا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ [الشورى: ٣٩] قَالَ: «يَنْتَصِرُونَ مِمَّنْ بَغَى عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْتَدُوا» وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي أَوْلَى فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْصُصْ مِنْ ذَلِكَ مَعْنًى دُونَ مَعْنًى، بَلْ حَمِدَ كُلَّ مُنْتَصِرٍ بِحَقٍّ مِمَّنْ بَغَى عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا فِي الِانْتِصَارِ مِنَ الْمَدْحِ؟ قِيلَ: إِنَّ فِي إِقَامَةِ الظَّالِمِ عَلَى سَبِيلِ الْحَقِّ وَعُقُوبَتِهِ بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ تَقْوِيمًا لَهُ، وَفِي ذَلِكَ أَعْظَمُ الْمَدْحِ
وَقَوْلُهُ: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٠] وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى مَعْنَى ذَلِكَ، وَأَنَّ مَعْنَاهُ: وَجَزَاءُ سَيِّئَةِ الْمُسِيءِ عُقُوبَتُهُ بِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ عُقُوبَةً مِنَ اللَّهِ أَوْجَبَهَا عَلَيْهِ، فَهِيَ مَسَاءَةٌ لَهُ وَالسَّيِّئَةُ: إِنَّمَا هِيَ الْفَعْلَةُ مِنَ السُّوءِ، وَذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا﴾ [الأنعام: ١٦٠]-[٥٢٥]- وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: أَنْ يُجَابَ الْقَائِلُ الْكَلِمَةِ الْقَزَعَةِ بِمِثْلِهَا


الصفحة التالية
Icon