وَقَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا﴾ [الزخرف: ١٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَالَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَزَوَّجَهُ، أَيْ خَلَقَ الذُّكُورَ مِنَ الْإِنَاثِ أَزْوَاجًا، وَالْإِنَاثَ مِنَ الذُّكُورِ أَزْوَاجًا ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ﴾ [الزخرف: ١٢] وَهِيَ السُّفُنُ ﴿وَالْأَنْعَامِ﴾ [آل عمران: ١٤] وَهِيَ الْبَهَائِمُ ﴿مَا تَرْكَبُونَ﴾ [الزخرف: ١٢] يَقُولُ: جَعَلَ لَكُمْ مِنَ السُّفُنِ مَا تَرْكَبُونَهُ فِي الْبِحَارِ إِلَى حَيْثُ قَصَدْتُمْ وَاعْتَمَدْتُمْ فِي سَيْرِكُمْ فِيهَا لِمَعَايِشِكُمْ وَمَطَالِبِكُمْ، وَمِنَ الْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَهُ فِي الْبَرِّ إِلَى حَيْثُ أَرَدْتُمْ مِنَ الْبُلْدَانِ، كَالْإِبِلِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ﴾ [الزخرف: ١٤] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: كَيْ تَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِ مَا تَرْكَبُونَ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ تَوْحِيدِ الْهَاءِ فِي قَوْلِهِ: ﴿عَلَى ظُهُورِهِ﴾ [الزخرف: ١٣] وَتَذْكِيرِهَا، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: تَذْكِيرُهُ يَعُودُ عَلَى مَا تَرْكَبُونَ، وَمَا هُوَ مُذَكَّرٌ، كَمَا يُقَالُ: عِنْدِي مِنَ النِّسَاءِ مَنْ يُوَافِقُكَ وَيَسُرُّكَ، وَقَدْ تُذَكَّرُ الْأَنْعَامُ وَتُؤَنَّثُ وَقَدْ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ﴿مِمَّا فِي بُطُونِهِ﴾ [النحل: ٦٦] وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ﴿بُطُونِهَا﴾ [النحل: ٦٩] وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: أُضِيفَتِ الظُّهُورُ إِلَى الْوَاحِدِ، لِأَنَّ ذَلِكَ