وَقَوْلُهُ: ﴿أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ﴾ [الزخرف: ٢١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا آتَيْنَا هَؤُلَاءِ الْمُتَخَرِّصِينَ الْقَائِلِينَ لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَا الْآلِهَةَ كِتَابًا بِحَقِيقَةِ مَا يَقُولُونَ مِنْ ذَلِكَ، مِنْ قَبْلِ هَذَا الْقُرْآنِ الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ ﴿فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ﴾ [الزخرف: ٢١] يَقُولُ: فَهُمْ بِذَلِكَ الْكِتَابِ الَّذِي جَاءَهُمْ مِنْ عِنْدِي مِنْ قَبْلِ هَذَا الْقُرْآنِ مُسْتَمْسِكُونَ يَعْمَلُونَ بِهِ، وَيَدِينُونَ بِمَا فِيهِ، وَيَحْتَجُّونَ بِهِ عَلَيْكَ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُّهْتَدُونَ﴾ [الزخرف: ٢٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا آتَيْنَا هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ: لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَا هَؤُلَاءِ الْأَوْثَانَ بِالْأَمْرِ بِعِبَادَتِهَا، كِتَابًا مِنْ عِنْدِنَا، وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا: وَجَدْنَا آبَاءَنَا الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَنَا يَعْبُدُونَهَا، فَنَحْنُ نَعْبُدُهَا كَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَهَا؛ وَعَنَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ﴾ [الزخرف: ٢٢] بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى دِينٍ وَمِلَّةٍ، وَذَلِكَ هُوَ عِبَادَتُهُمُ الْأَوْثَانَ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ