الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الزخرف: ٢٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ﴾ [الزخرف: ٢٦] الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ مَا يَعْبُدُهُ مُشْرِكُو قَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ﴾ [الزخرف: ٢٦] مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَكَذَّبُوهُ، فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ كَمَا انْتَقَمْنَا مِمَّنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ رُسَلَهَا وَقِيلَ: ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ﴾ [الزخرف: ٢٦] فَوَضَعَ الْبَرَاءَ وَهُوَ مَصْدَرٌ مَوْضِعَ النَّعْتِ، وَالْعَرَبُ لَا تُثَنِّي الْبَرَاءَ وَلَا تَجْمَعُ وَلَا تُؤَنِّثُ، فَتَقُولُ: نَحْنُ الْبَرَاءُ وَالْخَلَاءُ: لِمَا ذَكَرْتُ أَنَّهُ مَصْدَرٌ، وَإِذَا قَالُوا: هُوَ بَرِيءٌ مِنْكَ ثَنَّوْا وَجَمَعُوا وَأَنَّثُوا، فَقَالُوا: هُمَا بَرِيئَانِ مِنْكَ، وَهُمْ بَرِيئُونَ مِنْكَ وَذُكِرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: (إِنَّنِي بَرِيءٌ) بِالْيَاءِ، وَقَدْ يُجْمَعُ بَرِيءٌ: بَرَاءٌ وَأَبْرَاءُ. ﴿إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ [الزخرف: ٢٧] يَقُولُ: إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا مِنَ الَّذِي فَطَرَنِي، يَعْنِي الَّذِي خَلَقَنِي ﴿فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ﴾ [الزخرف: ٢٧] يَقُولُ: فَإِنَّهُ سَيُقَوِّمُنِي لِلدِّينِ الْحَقِّ، وَيُوَفِّقُنِي لِاتِّبَاعِ سَبِيلِ الرُّشْدِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ


الصفحة التالية
Icon