وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: «حَتَّى إِذَا جَاءَانَا هُوَ وَقَرِينُهُ جَمِيعًا»
وَقَوْلُهُ: ﴿يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ﴾ [الزخرف: ٣٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ أَحَدُ هَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ لِصَاحِبِهِ الْآخَرِ: وَدِدْتُ أَنَّ بَيْنِيَ وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ: أَيْ بُعْدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، فَغَلَّبَ اسْمَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، كَمَا قِيلَ: شِبْهُ الْقَمَرَيْنِ، وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

أَخَذْنَا بِآفَاقِ السَّمَاءِ عَلَيْكُمْ لَنَا قَمَرَاهَا وَالنُّجُومُ الطَّوَالِعُ
وَكَمَا قَالَ الْآخَرُ:
فَبَصْرَةُ الْأَزْدِ مِنَّا وَالْعِرَاقُ لَنَا وَالْمَوْصِلَانِ وَمِنَّا مِصْرُ وَالْحَرَمُ
يَعْنِي: الْمَوْصِلَ وَالْجَزِيرَةَ، فَقَالَ: الْمَوْصِلَانِ، فَغَلَّبَ الْمَوْصِلَ وَقَدْ قِيلَ: عَنَى بِقَوْلِهِ ﴿بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ﴾ [الزخرف: ٣٨] مَشْرِقَ الشِّتَاءِ، وَمَشْرِقَ الصَّيْفِ، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ فِي الشِّتَاءِ مِنْ مَشْرِقٍ، وَفِي الصَّيْفِ مِنْ مَشْرِقٍ غَيْرِهِ؛ وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ تَغْرُبُ فِي مَغْرِبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {رَبُّ


الصفحة التالية
Icon