حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: ثني عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، قَالَ: " نَقْشَ دَاوُدُ خَطِيئَتَهُ فِي كَفِّهِ لِكَيْلَا يَنْسَاهَا، قَالَ: فَكَانَ إِذَا رَآهَا خُفِقَتْ يَدَهُ وَاضْطَرَبَتْ " وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ كَانَ ذَلِكَ لِعَارِضٍ كَانَ عَرَضَ فِي نَفْسِهِ مِنْ ظَنٍّ أَنَّهُ يَطِيقُ أَنْ يَتِمَّ يَوْمًا لَا يُصِيبُ فِيهِ حُوبَةً، فَابْتُلِيَ بِالْفِتْنَةِ الَّتِي ابْتُلِيَ بِهَا فِي الْيَوْمِ الَّذِي طَمَعَ فِي نَفْسِهِ بِإِتْمَامِهِ بِغَيْرِ إِصَابَةِ ذَنْبٍ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ مَطَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ: " إِنَّ دَاوُدَ جَزَّأَ الدَّهْرَ أَرْبَعَةَ أَجْزَاءٍ: يَوْمًا لِنِسَائِهِ، وَيَوْمًا لِعِبَادَتِهِ، وَيَوْمًا لِقَضَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَيَوْمًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ يُذَاكِرُهُمْ وَيُذَاكِرُونَهُ، وَيُبْكِيهُمْ وَيُبْكُونَهُ؛ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ: ذَكَرُوا فَقَالُوا: هَلْ يَأْتِي عَلَى الْإِنْسَانِ يَوْمٌ لَا يُصِيبُ فِيهِ ذَنْبًا؟ فَأَضْمَرَ دَاوُدُ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ سَيَطِيقُ ذَلِكَ؛ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عِبَادَتِهِ، أَغْلَقَ أَبْوَابَهُ، وَأَمَرَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَأَكَبَّ عَلَى التَّوْرَاةِ؛ فَبَيْنَمَا هُوَ يَقْرَؤُهَا، فَإِذَا حَمَامَةٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنٍ حَسَنٍ، قَدْ وَقَعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَهْوَى إِلَيْهَا لِيَأْخُذَهَا، قَالَ: فَطَارَتْ، فَوَقَعَتْ غَيْرَ بَعِيدٍ، مِنْ غَيْرِ أَنْ تُؤْيِسَهُ مِنْ نَفْسِهَا، قَالَ: فَمَا زَالَ يَتْبَعُهَا حَتَّى أَشْرَفَ عَلَى امْرَأَةٍ -[٧٠]- تَغْتَسِلُ، فَأَعْجَبَهُ خَلْقُهَا وَحُسْنُهَا؛ قَالَ: فَلَمَّا رَأَتْ ظِلَّهُ فِي الْأَرْضِ، جَلَّلَتْ نَفْسَهَا بِشَعْرِهَا، فَزَادَهُ ذَلِكَ أَيْضًا إِعْجَابًا بِهَا، وَكَانَ قَدْ بَعَثَ زَوْجَهَا عَلَى بَعْضِ جُيُوشِهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَسِيرَ إِلَى مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، مَكَانٍ إِذَا سَارَ إِلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ، قَالَ: فَفَعَلَ، فَأُصِيبَ فَخَطَبَهَا فَتَزَوَّجَهَا قَالَ: وَقَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنَا إِنَّهَا أُمُّ سُلَيْمَانَ، قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ فِي الْمِحْرَابِ، إِذْ تَسَوَّرَ الْمَلَكَانِ عَلَيْهِ، وَكَانَ الْخَصْمَانِ إِذَا أَتَوْهُ يَأْتُونَهُ مِنْ بَابِ الْمِحْرَابِ، فَفَزِعَ مِنْهُمْ حِينَ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ، فَقَالُوا: ﴿لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ﴾ [ص: ٢٢].. حَتَّى بَلَغَ ﴿وَلَا تُشْطِطْ﴾ [ص: ٢٢] أَيْ لَا تَمَلَّ ﴿وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ﴾ [ص: ٢٢] أَيْ أَعْدَلِهِ وَخَيْرِهِ ﴿إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً﴾ [ص: ٢٣] وَكَانَ لِدَاوُدَ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ امْرَأَةً ﴿وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ [ص: ٢٣] قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَ لِلرَّجُلِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ ﴿فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ﴾ [ص: ٢٣] أَيْ: ظَلَمَنِي وَقَهَرَنِي، فَقَالَ: ﴿لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ﴾ [ص: ٢٤].. إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ﴾ فَعَلِمَ دَاوُدُ أَنَّمَا صَمَدَ لَهُ: أَيْ عَنَى بِهِ ذَلِكَ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ قَالَ: وَكَانَ فِي حَدِيثِ مَطَرِ، أَنَّهُ سَجَدَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، حَتَّى أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَكَ، قَالَ: رَبِّ وَكَيْفَ تَغْفِرُ لِي وَأَنْتَ حَكَمٌ عَدْلٌ، لَا تَظْلِمُ أَحَدًا؟ قَالَ: إِنِّي أَقْضِيكَ لَهُ، ثُمَّ اسْتَوْهِبُهُ دَمَكَ أَوْ ذَنْبَكَ، ثُمَّ أُثِيبُهُ حَتَّى يَرْضَى، قَالَ: الْآنَ طَابَتْ نَفْسِي، وَعَلِمْتُ أَنَّكَ قَدْ غَفَرْتَ لِي "