حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ﴾ [ص: ٣٤] قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ سُلَيْمَانَ أُمِرَ بِبِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقِيلَ لَهُ: ابْنِهِ وَلَا يُسْمَعُ فِيهِ صَوْتُ حَدِيدٍ، قَالَ: فَطُلِبَ ذَلِكَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ شَيْطَانًا فِي الْبَحْرِ يُقَالُ لَهُ صَخْرٌ شَبَهُ الْمَارِدِ، قَالَ: فَطَلَبَهُ، وَكَانَتْ عَيْنٌ فِي الْبَحْرِ يَرِدُهَا فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ مَرَّةً، فَنُزِحَ مَاؤُهَا وَجُعِلَ فِيهَا خَمْرٌ، فَجَاءَ يَوْمُ وُرُودِهِ فَإِذَا هُوَ بِالْخَمْرِ، فَقَالَ: إِنَّكَ لِشَرَابٌ طَيِّبٍ، إِلَّا أَنَّكَ تُصِبِينَ الْحَلِيمَ، -[٩٠]- وَتُزِيدِينَ الْجَاهِلَ جَهْلًا، قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ حَتَّى عَطِشَ عَطَشًا شَدِيدًا، ثُمَّ أَتَاهَا فَقَالَ: إِنَّكِ لِشَرَابٌ طَيِّبٌ، إِلَّا أَنَّكِ تُصِبِينَ الْحَلِيمَ، وَتُزِيدِينَ الْجَاهِلَ جَهْلًا؛ قَالَ: ثُمَّ شَرِبَهَا حَتَّى غَلَبَتْ عَلَى عَقْلِهِ، قَالَ: فَأُرِيَ الْخَاتَمَ أَوْ خُتِمَ بِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَذَلَّ، قَالَ: فَكَانَ مُلْكُهُ فِي خَاتَمِهِ، فَأَتَى بِهِ سُلَيْمَانَ، فَقَالَ: إِنَّا قَدْ أَمَرْنَا بِبِنَاءِ هَذَا الْبَيْتِ وَقِيلَ لَنَا: لَا يُسْمَعَنَّ فِيهِ صَوْتُ حَدِيدٍ، قَالَ: فَأَتَى بِبَيْضِ الْهُدْهُدِ، فَجَعَلَ عَلَيْهِ زُجَاجَةً، فَجَاءَ الْهُدْهُدُ، فَدَارَ حَوْلَهَا، فَجَعَلَ يَرَى بَيْضَهُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَذَهَبَ فَجَاءَ بِالْمَاسِ، فَوَضَعَهُ عَلَيْهِ، فَقَطَعَهَا بِهِ حَتَّى أَفْضَى إِلَى بَيْضِهِ، فَأُخِذَ الْمَاسُ، فَجَعَلُوا يَقْطَعُونَ بِهِ الْحِجَارَةَ، فَكَانَ سُلَيْمَانُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ أَوِ الْحَمَّامَ لَمْ يَدْخُلْهَا بِخَاتَمِهِ؛ فَانْطَلَقَ يَوْمًا إِلَى الْحَمَّامِ، وَذَلِكَ الشَّيْطَانُ صَخْرٌ مَعَهُ، وَذَلِكَ عِنْدَ مُقَارَفَةِ ذَنْبٍ قَارَفَ فِيهِ بَعْضَ نِسَائِهِ، قَالَ: فَدَخَلَ الْحَمَّامَ، وَأَعْطَى الشَّيْطَانَ خَاتَمَهُ، فَأَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ، فَالْتَقَمَتْهُ سَمَكَةٌ، وَنُزِعَ مُلْكُ سُلَيْمَانَ مِنْهُ، وَأُلْقِيَ عَلَى الشَّيْطَانِ شِبْهُ سُلَيْمَانَ؛ قَالَ: فَجَاءَ فَقَعَدَ عَلَى كُرْسِيِّهِ وَسَرِيرِهِ، وَسُلِّطَ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ كُلِّهِ غَيْرَ نِسَائِهِ؛ قَالَ: فَجَعَلَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ، وَجَعَلُوا يُنْكِرُونَ مِنْهُ أَشْيَاءَ حَتَّى قَالُوا: لَقَدْ فُتِنَ نَبِيُّ اللَّهِ؛ وَكَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ يشَبهْوَنهِ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْقُوَّةِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأُجَرِّبَنَّهُ؛ قَالَ: فَقَالَ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَهُوَ لَا يَرَى إِلَّا أَنَّهُ نَبِيُّ اللَّهِ أَحَدُنَا تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ، فَيَدَعُ الْغُسْلَ عَمْدًا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، أَتَرَى عَلَيْهِ بَأْسًا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً حَتَّى وَجَدَ نَبِيُّ اللَّهِ خَاتَمَهُ فِي بَطْنِ سَمَكَةٍ، فَأَقْبَلَ فَجَعَلَ لَا يَسْتَقْبِلُهُ جِنِّيٌّ وَلَا طَيْرٌ إِلَّا سَجَدَ لَهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِمْ ﴿وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا﴾ [ص: ٣٤] قَالَ: هُوَ الشَّيْطَانُ صَخْرٌ "


الصفحة التالية
Icon