سَقَطَتِ الْفَاءُ الَّتِي هِيَ جَوَابُ أَمَّا
وَقَوْلُهُ: ﴿فَاسْتَكْبَرْتُمْ﴾ [الجاثية: ٣١] يَقُولُ: فَاسْتَكْبَرْتُمْ عَنِ اسْتِمَاعِهَا وَالْإِيمَانِ بِهَا ﴿وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ﴾ [الجاثية: ٣١] يَقُولُ: وَكُنْتُمْ قَوْمًا تَكْسِبُونَ الْآثَامَ وَالْكُفْرَ بِاللَّهِ، لَا تُصَدِّقُونَ بِمَعَادٍ، وَلَا تُؤْمِنُونَ بِثَوَابٍ وَلَا عِقَابٍ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعَدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ﴾ [الجاثية: ٣٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَيُقَالُ لَهُمْ حِينَئِذٍ: ﴿وَإِذَا قِيلَ﴾ [البقرة: ١١] لَكُمْ ﴿إِنَّ وَعَدَ اللَّهِ﴾ [يونس: ٥٥] الَّذِي وَعَدَ عِبَادَهُ، أَنَّهُ مُحْيِيهِمْ مِنْ بَعْدِ مَمَاتِهِمْ، وَبَاعِثُهُمْ مِنْ قُبُورِهِمْ ﴿حَقٌّ وَالسَّاعَةُ﴾ [الجاثية: ٣٢] الَّتِي أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ يُقِيمُهَا لِحَشْرِهِمْ، وَجَمْعِهِمْ لِلْحِسَابِ وَالثَّوَابِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَالْعِقَابِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، آتِيَةٌ ﴿لَا رَيْبَ فِيهَا﴾ [الكهف: ٢١] يَقُولُ: لَا شَكَّ فِيهَا، يَعْنِي فِي السَّاعَةِ، وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فِيهَا﴾ [البقرة: ٢٥] مِنْ ذِكْرِ السَّاعَةِ وَمَعْنَى الْكَلَامِ: وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِي قِيَامِهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَاعْمَلُوا لِمَا يُنْجِيكُمْ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ فِيهَا ﴿قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ﴾ [الجاثية: ٣٢] تَكْذِيبًا مِنْكُمْ بِوَعْدِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَرَدًّا لِخَبَرِهِ، وَإِنْكَارًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى إِحْيَائِكُمْ مِنْ بَعْدِ مَمَاتِكُمْ
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا﴾ [الجاثية: ٣٢] يَقُولُ: وَقُلْتُمْ مَا نَظُنُّ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ إِلَّا ظَنًّا ﴿وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ﴾ [الجاثية: ٣٢] أَنَّهَا جَائِيَةٌ، وَلَا أَنَّهَا كَائِنَةٌ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا﴾ [الجاثية: ٣٢] فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّةُ -[١٠٨]- قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَ ﴿السَّاعَةُ﴾ [الأنعام: ٣١] رَفْعًا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَ (السَّاعَةَ) نَصْبًا عَطْفًا بِهَا عَلَى قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ [يونس: ٥٥] وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا، أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَةِ الْأَمْصَارِ صَحِيحَتَا الْمَخْرَجِ فِي الْعَرَبِيَّةِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ


الصفحة التالية
Icon