الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الأحقاف: ٨] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَمْ يَقُولُونَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ مِنْ قُرَيْشٍ افْتَرَى مُحَمَّدٌ هَذَا الْقُرْآنَ، فَاخْتَلَقَهُ وَتَخَرَّصَهُ كَذِبًا، قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ إِنِ افْتَرَيْتُهُ وَتَخَرَّصْتُهُ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴿فَلَا تَمْلِكُونَ لِي﴾ [الأحقاف: ٨] يَقُولُ: فَلَا تُغْنُونَ عَنِّي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَاقَبَنِي عَلَى افْتِرَائِي إِيَّاهُ، وَتَخَرُّصِي عَلَيْهِ شَيْئًا، وَلَا تَقْدِرُونَ أَنْ تَدْفَعُوا عَنِّي سُوءًا إِنْ أَصَابَنِي بِهِ
وَقَوْلُهُ: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ [الأحقاف: ٨] يَقُولُ: رَبِّي أَعْلَمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سِوَاهُ بِمَا تَقُولُونَ بَيْنَكُمْ فِي هَذَا الْقُرْآنِ، وَالْهَاءُ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ [يونس: ٦١] مِنْ ذِكْرِ الْقُرْآنِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ [يونس: ٦١] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ [يونس: ٦١] قَالَ: «تَقُولُونَ»
وَقَوْلُهُ: ﴿كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ [الأحقاف: ٨] يَقُولُ: كَفَى بِاللَّهِ شَاهِدًا عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ بِمَا تَقُولُونَ مِنْ تَكْذِيبِكُمْ لِي فِيمَا جِئْتُكُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْغَفُورِ الرَّحِيمِ لَهُمْ، بِأَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ عَلَيْهَا بَعْدَ تَوْبَتِهِمْ مِنْهَا