وَقَوْلُهُ: ﴿رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: ٢٦] يَقُولُ: هُوَ مَالِكُكُمْ وَمَالِكُ مَنْ مَضَى قَبْلَكُمْ مِنْ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ، يَقُولُ: فَهَذَا الَّذِي هَذِهِ صِفَتُهُ، هُوَ الرَّبُّ فَاعْبُدُوهُ دُونَ آلِهَتِكُمُ الَّتِي لَا تَقْدِرُ عَلَى ضَرٍّ وَلَا نَفْعٍ
وَقَوْلُهُ: ﴿بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ﴾ [الدخان: ٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مَا هُمْ بِمُوقِنِينَ بِحَقِيقَةِ مَا يُقَالُ لَهُمْ وَيُخْبَرُونَ مِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ، يَعْنِي بِذَلِكَ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ، وَلَكِنَّهُمْ فِي شَكٍّ مِنْهُ، فَهُمْ يَلْهَوْنَ بِشَكِّهِمْ فِي الَّذِي يُخْبَرُونَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ﴾ [الدخان: ١١] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَارْتَقِبْ﴾ [الدخان: ١٠] فَانْتَظِرْ يَا مُحَمَّدُ بِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمِكَ الَّذِينَ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ، وَإِنَّمَا هُوَ افْتَعِلْ، مِنْ رَقَبْتُهُ: إِذَا انْتَظَرْتُهُ وَحَرَسْتُهُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿فَارْتَقِبْ﴾ [الدخان: ١٠] «أَيْ فَانْتَظِرْ»
وَقَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾ [الدخان: ١٠] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي هَذَا الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْتَقِبَهُ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ السَّمَاءَ تَأْتِي فِيهِ بِدُخَانٍ -[١٤]- مُبِينٍ: أَيُّ يَوْمٍ هُوَ، وَمَتَى هُوَ؟ وَفِي مَعْنَى الدُّخَانِ الَّذِي ذُكِرَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَلِكَ حِينَ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قُرَيْشٍ رَبَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَأْخُذَهُمْ بِسِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ، فَأُخِذُوا بِالْمَجَاعَةِ، قَالُوا: وَعَنَى بِالدُّخَانِ مَا كَانَ يُصِيبُهُمْ حِينَئِذٍ فِي أَبْصَارِهِمْ مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ مِنَ الظُّلْمَةِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ


الصفحة التالية
Icon