ذِكْرُ مَنْ قَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ [آل عمران: ١٣٩] : أَنْتُمُ الْغَالِبُونَ الْأَعَزُّ مِنْهُمْ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ [آل عمران: ١٣٩] قَالَ: «الْغَالِبُونَ مِثْلَ يَوْمِ أُحُدٍ، تَكُونُ عَلَيْهِمُ الدَّائِرَةُ»
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ [محمد: ٣٥] قَالَ: «هَذَا مَنْسُوخٌ»، قَالَ: «نَسَخَهُ الْقِتَالُ وَالْجِهَادُ» يَقُولُ: لَا تَضْعُفْ أَنْتَ وَتَدْعُوهُمْ أَنْتَ إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتَ الْأَعْلَى، قَالَ: وَهَذَا حِينَ كَانَتِ الْعُهُودُ وَالْهُدْنَةُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ الْقِتَالُ، يَقُولُ: لَا تَهُنْ فَتَضْعُفَ، فَيُرَى أَنَّكَ تَدْعُو إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتَ فَوْقَهُ، وَأَعَزُّ مِنْهُ ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ [آل عمران: ١٣٩] أَنْتُمْ أَعَزُّ مِنْهُمْ، ثُمَّ جَاءَ الْقِتَالُ بَعْدُ فَنَسَخَ هَذَا أَجْمَعَ، فَأَمَرَهُ بِجِهَادِهِمْ وَالْغِلْظَةِ عَلَيْهِمْ وَقَدْ قِيلَ: عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ [آل عمران: ١٣٩] وَأَنْتُمُ الْغَالِبُونَ آخِرَ الْأَمْرِ، وَإِنْ غَلَبُوكُمْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَقَهَرُوكُمْ فِي بَعْضِ الْحُرُوبِ وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَا تَهِنُوا﴾ [محمد: ٣٥] جَزْمٌ بِالنَّهْيِ، وَفِي قَوْلِهِ ﴿وَتَدْعُوا﴾ [محمد: ٣٥] وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا الْجَزْمُ عَلَى الْعَطْفِ عَلَى تَهِنُوا، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ: فَلَا تَهِنُوا وَلَا تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ، وَالْآخَرُ


الصفحة التالية
Icon