مَاكِثِينَ فِيهَا إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ وَلْيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَ أَعْمَالِهِمْ بِالْحَسَنَاتِ الَّتِي يَعْمَلُونَهَا شُكْرًا مِنْهُمْ لِرَبِّهِمْ عَلَى مَا قَضَى لَهُمْ، وَأَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِهِ ﴿وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الفتح: ٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَكَانَ مَا وَعَدَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْعِدَةِ، وَذَلِكَ إِدْخَالُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، وَتَكْفِيرُهُ سَيِّئَاتِهِمْ بِحَسَنَاتِ أَعْمَالِهِمُ الَّتِي يَعْمَلُونَهَا عِنْدَ اللَّهِ لَهُمْ ﴿فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٧٣] يَقُولُ: ظَفَرًا مِنْهُمْ بِمَا كَانُوا تَأَمَّلُوهُ وَيَسْعَوْنَ لَهُ، وَنَجَاةً مِمَّا كَانُوا يَحْذَرُونَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَظِيمًا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الرِّوَايَةِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ لَمَّا قَالَ الْمُؤْمِنُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ تَلَا عَلَيْهِمْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [الفتح: ٢] هَذَا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَاذَا لَنَا؟ تَبْيِينًا مِنَ اللَّهِ لَهُمْ مَا هُوَ فَاعِلٌ بِهِمْ
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [الفتح: ٥] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَيُكَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾ [الفتح: ٥] «فَأَعْلَمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ»
وَقَوْلُهُ: ﴿لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [الفتح: ٥] عَلَى اللَّامِ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ﴾ [الفتح: ٢] بِتَأْوِيلِ تَكْرِيرِ الْكَلَامِ ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ﴾ [الفتح: ٢] إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، وَلِذَلِكَ لَمْ تَدْخُلِ الْوَاوُ الَّتِي تَدْخُلُ فِي الْكَلَامِ لِلْعَطْفِ، فَلَمْ يَقُلْ: وَلْيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ


الصفحة التالية
Icon