فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ: مَا قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ﴾ [الفتح: ١٥] فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ، وَبَعْضُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ ﴿كَلَامَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٧٥] عَلَى وَجْهِ الْمَصْدَرِ، بِإِثْبَاتِ الْأَلْفِ وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ (كَلِمَ اللَّهِ) بِغَيْرِ أَلْفٍ، بِمَعْنَى جَمْعِ كَلِمَةٍ، وَهُمَا عِنْدَنَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَةِ الْأَمْصَارِ، مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ، وَإِنْ كُنْتُ إِلَى قِرَاءَتِهِ بِالْأَلْفِ أَمْيَلَ
وَقَوْلُهُ: ﴿قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ﴾ [الفتح: ١٥] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ لِهَؤُلَاءِ الْمُخَلَّفِينَ عَنِ الْمَسِيرِ مَعَكَ يَا مُحَمَّدُ: لَنْ تَتَّبِعُونَا إِلَى خَيْبَرَ إِذَا أَرَدْنَا السَّيْرَ إِلَيْهِمْ لِقِتَالِهِمْ ﴿كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ﴾ [الفتح: ١٥] يَقُولُ: هَكَذَا قَالَ اللَّهُ لَنَا مِنْ قَبْلِ مَرْجِعَنَا إِلَيْكُمْ، إِنَّ غَنِيمَةَ خَيْبَرَ لِمَنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ مَعَنَا، وَلَسْتُمْ مِمَّنْ شَهِدَهَا، فَلَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَتَّبِعُونَا إِلَى خَيْبَرَ، لِأَنَّ غَنِيمَتَهَا لَغَيْرِكُمْ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: ﴿كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ﴾ [الفتح: ١٥] «أَيْ إِنَّمَا جُعِلَتِ الْغَنِيمَةُ لِأَهْلِ الْجِهَادِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ غَنِيمَةُ خَيْبَرَ لِمَنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ فِيهَا نَصِيبٌ»