يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ يَا مُحَمَّدُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ [الفتح: ١٨] يَعْنِي بَيْعَةَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُولُ اللَّهِ بِالْحُدَيْبِيَةِ حِينَ بَايَعُوهُ عَلَى مُنَاجَزَةِ قُرَيْشٍ الْحَرْبَ، وَعَلَى أَنْ لَا يَفِرُّوا، وَلَا يُوَلُّوهُمُ الدُّبُرَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَكَانَتْ بَيْعَتُهُمْ إِيَّاهُ هُنَالِكَ فِيمَا ذُكِرَ تَحْتَ شَجَرَةٍ وَكَانَ سَبَبُ هَذِهِ الْبَيْعَةِ مَا قِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَرْسَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِرِسَالَتِهِ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ قُرَيْشٍ، فَأَبْطَأَ عُثْمَانُ عَلَيْهِ بَعْضَ الْإِبْطَاءِ، فَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ قُتِلَ، فَدَعَا أَصْحَابَهُ إِلَى تَجْدِيدِ الْبَيْعَةِ عَلَى حَرْبِهِمْ عَلَى مَا وَصَفْتُ، فَبَايَعُوهُ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذِهِ الْبَيْعَةُ الَّتِي تُسَمَّى بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَكَانَ الَّذِينَ بَايَعُوهُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ فِيمَا ذُكِرَ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ: أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِئَةٍ، وَفِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ: أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةٍ، وَفِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ: أَلْفًا وَثَلَاثَ مِئَةٍ
ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِمَا وَصَفْنَا مِنْ سَبَبِ هَذِهِ الْبَيْعَةِ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا خِرَاشَ بْنَ أُمَيَّةَ الْخُزَاعِيَّ، فَبَعَثَهُ إِلَى قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ، وَحَمَلَهُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ الثَّعْلَبُ، لِيُبَلِّغَ أَشْرَافَهُمْ عَنْهُ مَا جَاءَ لَهُ، وَذَلِكَ حِينَ نَزَلَ الْحُدَيْبِيَةَ، فَعَقَرُوا بِهِ جَمَلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَرَادُوا قَتْلَهُ، فَمَنَعَهُ الْأَحَابِيشُ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ، حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: ثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَيَبْعَثَهُ إِلَى مَكَّةَ، فَيُبَلِّغُ عَنْهُ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مَا جَاءَ لَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَخَافُ قُرَيْشًا عَلَى نَفْسِي، وَلَيْسَ