وَقَوْلُهُ: ﴿وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الفتح: ٢٠] يَقُولُ: وَلِيَكُونَ كَفُّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَيْدِيَهُمْ عَنْ عِيَالِهِمْ آيَةً وَعِبْرَةً لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ فَيَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُتَوَلِّي حِيَاطَتَهُمْ وَكَلَاءَتَهُمْ فِي مَشْهَدِهِمْ وَمَغِيبِهِمْ، وَيَتَّقُوا اللَّهَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ بِالْحِفْظِ وَحُسْنِ الْوَلَايَةِ مَا كَانُوا مُقِيمِينَ عَلَى طَاعَتِهِ، مُنْتَهِينَ إِلَى أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الفتح: ٢٠] يَقُولُ: «وَذَلِكَ آيَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، كَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْ عِيَالِهِمْ»
﴿وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ [الفتح: ٢٠] يَقُولُ: وَيُسَدِّدُكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ طَرِيقًا وَاضِحًا لَا اعْوِجَاجَ فِيهِ، فَيُبَيِّنُهُ لَكُمْ، وَهُوَ أَنْ تَثِقُوا فِي أُمُورِكُمْ كُلِّهَا بِرَبِّكُمْ، فَتَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ فِي جَمِيعِهَا، لِيَحُوطَكُمْ حِيَاطَتَهُ إِيَّاكُمْ فِي مَسِيرِكُمْ إِلَى مَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنْفُسِكُمْ وَأَهْلِيكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُمْ أَثَرَ فِعْلِ اللَّهِ بِكُمْ، إِذْ وَثِقْتُمْ فِي مَسِيرِكُمْ هَذَا
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا﴾ [الفتح: ٢١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَوَعَدَكُمْ أَيُّهَا الْقَوْمُ رَبُّكُمْ فَتْحَ بَلْدَةٍ أُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَى فَتْحِهَا، قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا -[٢٨٤]- لَكُمْ حَتَّى يَفْتَحَهَا لَكُمْ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ الْأُخْرَى، وَالْقَرْيَةِ الْأُخْرَى الَّتِي وَعَدَهُمْ فَتْحَهَا، الَّتِي أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ مُحِيطٌ بِهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ أَرْضُ فَارِسَ وَالرُّومِ، وَمَا يَفْتَحُهُ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْبِلَادِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ