بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الفتح: ٢٥] «فَتَخَرَّجُوا دِيَتَهُ، فَأَمَّا إِثْمٌ فَلَمْ يَحْسُبْهُ عَلَيْهِمْ» وَالْمَعَرَّةُ: هِيَ الْمَفْعَلَةُ مِنَ الْعُرِّ، وَهُوَ الْجَرَبُ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى: فَتُصِيبُكُمْ مِنْ قِبَلِهِمِ مَعَرَّةٌ تُعَرُّونَ بِهَا، يَلْزَمُكُمْ مِنْ أَجْلِهَا كَفَّارَةُ قَتْلِ الْخَطَأِ، وَذَلِكَ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، مَنْ أَطَاقَ ذَلِكَ، وَمَنْ لَمْ يُطِقْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ وَإِنَّمَا اخْتَرْتُ هَذَا الْقَوْلَ دُونَ الْقَوْلِ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، لِأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَوْجَبَ عَلَى قَاتِلِ الْمُؤْمِنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ هَاجَرَ مِنْهَا، وَلَمْ يَكُنْ قَاتَلَهُ عَلِمَ إِيمَانَهُ الْكَفَّارَةَ دُونَ الدِّيَةِ، فَقَالَ: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] لَمْ يُوجِبْ عَلَى قَاتِلِهِ خَطَأَ دِيَتِهِ، فَلِذَلِكَ قُلْنَا: عَنَى بِالْمَعَرَّةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْكَفَّارَةَ، وَ ﴿أَنْ﴾ [الفتح: ٢٥] مِنْ قَوْلِهِ: ﴿أَنْ تَطَئُوهُمْ﴾ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ رَدًّا عَلَى الرِّجَالِ، لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَلَوْلَا أَنْ تَطَئُوا رِجَالًا مُؤْمِنِينَ وَنِسَاءً مُؤْمِنَاتٍ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ، فَتُصِيبُكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَأَذِنَ اللَّهُ لَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ فِي دُخُولِ مَكَّةَ، وَلَكِنَّهُ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ذَلِكَ ﴿لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [الفتح: ٢٥] يَقُولُ: لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مَنْ يَشَاءُ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلُوهَا، وَحَذَفَ جَوَابَ لَوْلَا اسْتِغْنَاءً بِدِلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ
وَقَوْلُهُ: ﴿لَوْ تَزَيَّلُوا﴾ [الفتح: ٢٥] يَقُولُ: لَوْ تَمَيَّزَ الَّذِينَ فِي مُشْرِكِي مَكَّةَ مِنَ الرِّجَالِ الْمُؤْمِنِينَ وَالنِّسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ الَّذِينَ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ مِنْهُمْ، فَفَارَقُوهُمْ وَخَرَجُوا مِنْ بَيْنِ -[٣٠٧]- أَظْهُرِهِمْ ﴿لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [الفتح: ٢٥] يَقُولُ: لَقَتَلْنَا مَنْ بَقِيَ فِيهَا بِالسَّيْفِ، أَوْ لَأَهْلَكْنَاهُمْ بِبَعْضِ مَا يُؤْلِمُهُمْ مِنْ عَذَابِنَا الْعَاجِلِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ