الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ﴾ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْخَلْقِ لَعِبًا
وَقَوْلُهُ: ﴿مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الدخان: ٣٩] يَقُولُ: مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ إِلَّا بِالْحَقِّ الَّذِي لَا يَصْلُحُ التَّدْبِيرُ إِلَّا بِهِ وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُهُ التَّنْبِيهَ عَلَى صِحَّةِ الْبَعْثِ وَالْمُجَازَاةِ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَمْ نَخْلُقِ الْخَلْقَ عَبَثًا بِأَنْ نُحْدِثَهُمْ فَنُحْيِيهِمْ مَا أَرَدْنَا، ثُمَّ نُفْنِيهِمْ مِنْ غَيْرِ الِامْتِحَانِ بِالطَّاعَةِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَغَيْرِ مُجَازَاةِ الْمُطِيعِ عَلَى طَاعَتِهِ، وَالْعَاصِي عَلَى الْمَعْصِيَةِ، وَلَكِنْ خَلَقْنَا ذَلِكَ لِنَبْتَلِيَ مَنْ أَرَدْنَا امْتِحَانَهُ مِنْ خَلْقِنَا بِمَا شِئْنَا مِنَ امْتِحَانِهِ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ﴿لِنَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَنَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾
﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأنعام: ٣٧] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَكِنَّ أَكْثَرَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَهُمْ لَا يَخَافُونَ عَلَى مَا يَأْتُونَ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ عُقُوبَةً، وَلَا يَرْجُونَ عَلَى خَيْرٍ إِنْ فَعَلُوهُ ثَوَابًا لِتَكْذِيبِهِمْ بِالْمَعَادِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الدخان: ٤١]-[٥٢]- يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ يَوْمَ فَصْلِ اللَّهِ الْقَضَاءَ بَيْنَ خَلْقِهِ بِمَا أَسْلَفُوا فِي دُنْيَاهُمْ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ يُجْزَى بِهِ الْمُحْسِنُ بِالْإِحْسَانِ، وَالْمُسِيءُ بِالْإِسَاءَةِ ﴿مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الدخان: ٤٠] يَقُولُ: مِيقَاتُ اجْتِمَاعِهِمْ أَجْمَعِينَ


الصفحة التالية
Icon