وَقَوْلُهُ: ﴿وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا﴾ [الطور: ١٠] يَقُولُ: وَتَسِيرُ الْجِبَالُ عَنْ أَمَاكِنِهَا مِنَ الْأَرْضِ سَيْرًا، فَتَصِيرُ هَبَاءً مُنْبَثًّا
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ [الطور: ١٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَالْوَادِي الَّذِي يَسِيلُ مِنْ قَيْحٍ وَصَدِيدٍ فِي جَهَنَّمَ، يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا، وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْمُكَذِّبِينَ بِوُقُوعِ عَذَابِ اللَّهِ لِلْكَافِرِينَ، يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ يَقُولُ: أُدْخِلَتِ الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ﴾ [الطور: ١١] لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى إِذَا كَانَ كَذَا وَكَذَا، فَأَشْبَهَ الْمُجَازَاةَ، لِأَنَّ الْمُجَازَاةَ يَكُونُ خَبَرُهَا بِالْفَاءِ وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: الْأَوْقَاتُ تَكُونُ كُلُّهَا جَزَاءٌ مَعَ الِاسْتِقْبَالِ، فَهَذَا مِنْ ذَاكَ، لِأَنَّهُمْ قَدْ شَبَّهُوا «إِنْ» وَهِيَ أَصْلُ الْجَزَاءِ بِحِينَ، وَقَالَ: إِنَّ مَعَ يَوْمَ إِضْمَارُ فِعْلٍ، وَإِنْ كَانَ التَّأْوِيلُ جَزَاءً، لِأَنَّ الْإِعْرَابَ يَأْخُذُ ظَاهِرَ الْكَلَامِ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى جَزَاءً
وَقَوْلُهُ: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ﴾ [الطور: ١٢] يَقُولُ: الَّذِينَ هُمْ فِي فِتْنَةٍ وَاخْتِلَاطٍ فِي الدُّنْيَا يَلْعَبُونَ، غَافِلِينَ عَمَّا هُمْ صَائِرُونَ إِلَيْهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ -[٥٧٥]- وَقَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا﴾ [الطور: ١٣] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَوَيْلٌ لِلْمُكَذِّبِينَ يَوْمَ يُدَعُّونَ وَقَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ﴾ [الطور: ١٣] تَرْجَمَةٌ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ [آل عمران: ١٦٧] وَإِبْدَالٌ مِنْهُ وَعَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿يُدَعُّونَ﴾ [البقرة: ٢٢١] يُدْفَعُونَ بِإِرْهَاقٍ وَإِزْعَاجٍ، يُقَالُ مِنْهُ: دَعَعْتُ فِي قَفَاهُ: إِذَا دَفَعْتُ فِيهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ


الصفحة التالية
Icon